٨٩
باب رجل ثم جاء يطلب بدمه فهموا أن يقتتلوا ولبس الفريقان السلاح فقال رجل أتقتتلون وفيكم نبي الله فجاؤوا إلى موسى عليه الصلاة والسلام فأخبروه بذلك فدعا الله تعالى في ذلك أن يبين لهم المخرج من ذلك فأوحى الله تعالى إلى موسى فأخبروهم بذلك وقال إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فتضربوه ببعضها يعني ببعض أعضاء تلك البقرة فيحيا فيخبركم من قتله " قالوا " لموسى " أتتخذنا هزوا " قرأ عاصم في رواية حفص برفع الزاي بغير همزة وقرأ حمزة بسكون الزاي مع الهمزة وقرأ الباقون بالهمزة ورفع الزاي ومعناه أتتخذنا سخرية يعني يا موسى أتسخر بنا فإن قيل ألم يكن هذا القول منهم كفرا حيث نسبوه إلى السخرية قلنا لا لأنهم قد ظهر عندهم علامات نبوته وعلموا أن قوله حق ولكنهم أرادوا بهذا الكشف والبيان ولم يريدوا به الحقيقة ف " قال " لهم موسى " أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين " يعني أمتنع بالله ويقال معاذ الله أن أكون من المستهزئين
قال ابن عباس في رواية أبي صالح فلو أنهم عمدوا إلى أدنى بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكنهم شددوا على أنفسهم بالمسألة فشدد الله عليهم بالمنع لما " قالوا " يا موسى " ادع لنا ربك " يقول سل لنا ربك أن " يبين لنا ما هي " يعني يبين لنا كيفية البقرة إنها صغيرة أو كبيرة " قال " لهم موسى " إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر " يعني لا كبيرة هرمة ولا صغيرة " عوان بين ذلك " يعني وسطا ونصفا بين ذلك يعني بين الصغيرة والكبيرة وقد قيل في المثل العوان لا تعلم الخمرة يعني أن المرأة البالغة ليست بمنزلة الصغيرة التي لا تحسن أن تختمر
ثم قال تعالى " فافعلوا ما تؤمرون " ولا تسألوا فسألوا وشددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم
قوله تعالى " قالوا " يا موسى " ادع لنا ربك " يعني سل ربك " يبين لنا ما لونها " قال لهم موسى " إنها بقرة صفراء فاقع لونها " يعني شديد الصفرة يقال أصفر فاقع إذا كان شديد الصفرة كما يقال أسود حالك وأبيض يقق وأحمر وأحمر قاني وأخضر ناضر إذا وصف بالشدة وقال بعضهم أراد به بقرة صفراء الظلف والقرن يعني شعرها وظلفها وقرنها وكل شيء فيها أصفر ويقال أراد به البقرة السوداء لأن السواد الشديد يضرب إلى الصفرة كما قال تعالى " كالقصر كأنه جملت صفر " المرسلات ٣٣ يعني سود وكما قال القائل
( تلك خيلي منكم وتلك ركابي % هن صفر أولادها كالزبيب )
أراد بالصفر السود ولكن هذا خلاف أقاويل المفسرين وكلهم اتفقوا أنه أراد به اللون الأصفر إلا قولا روي عن الحسن البصري
قوله عز وجل " تسر الناظرين " يعني تعجب من نظر إليها لحسن لونها فشددوا على أنفسهم