١٠٠
قوله تعالى " أو لا يرون أنهم يفتنون " قرأ حمزة " أو لا ترون " بالتاء ويكون الخطاب للنبي ﷺ وأصحابه وقرأ الباقون بالياء يعني " أو لا يرون " المنافقون ولا يعتبرون " أنهم يفتنون في كل عام " يقول يبتلون بإظهار ما في صدورهم من النفاق في كل عام " مرة أو مرتين ثم لا يتوبون " من نفاقهم وكفرهم في السر " ولا هم يذكرون " يعني لا يتعظون ولا يتفكرون قال الكلبي كانوا ينقضون عهدهم في السنة مرة أو مرتين فيعاقبون ثم لا يتوبون عن نقض العهد وقال مقاتل وذلك أنهم إذا خلوا تكلموا بما لا يحل لهم فإذا أتوا النبي ﷺ أخبرهم بما تكلموا به فيعرفون أنه نبي ثم يأتيهم الشيطان فيحدثهم أنه يخبرهم بما بلغه عنهم فيشكون فيه فذلك قوله " يفتنون في كل عام مرة أو مرتين " يعني يعرفون مرة أنه نبي وينكرون مرة أخرى " ثم لا يتوبون " عن ذلك " ولا هم يذكرون " فيما أخبرهم ويقال " يفتنون " يعني يبتلون بالأمراض والأسقام ويعاهدون الله تعالى لو زال عنا لفعلنا كذا وكذا ثم لا يوفون به ولا يتوبون من النفاق " ولا هم يذكرون " أي لا يتعظون بما أنزل الله عليهم
قوله تعالى " وإذا ما أنزلت سورة " يعني من القرآن على رسول الله ﷺ مثل سورة براءة فيها عيب المنافقين " نظر بعضهم إلى بعض " أي ويتغامزون ويقولون فيما بينهم " هل يراكم من أحد " من أصحاب محمد ﷺ فإذا رآهم أحد قاموا وصلوا وإن لم يرهم أحد إنصرفوا يعني خرجوا من المسجد ويقال إنصرفوا عن الإيمان " صرف الله قلوبهم " عن الإيمان وخذلهم عن الفهم بخروجهم وانصرافهم عن الإيمان ويقال هذا على وجه الدعاء واللعن كقوله تعالى " قاتلهم الله " [ التوبة : ٣٠ ] ويقال هذا على معنى التقديم ومعناه صرف الله قلوبهم لأنهم إنصرفوا عن الإيمان " بأنهم قوم لا يفقهون " أمر الله تعالى
سورة التوبة ١٢٨ - ١٢٩
قوله تعالى " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " قال مقاتل يعني يا أهل مكة قد جاءكم رسول من أنفسكم تعرفونه ولا تنكرونه ويقال هذا الخطاب لجميع العرب " لقد جاءكم رسول " يعني محمدا ﷺ " من أنفسكم " يعني من جميع العرب لأنه لم يكن في العرب قبيلة إلا ولرسول الله ﷺ فيها قرابة وهذا من المجاز والإستعارة لأن النبي ﷺ كان فيهم ولم يجىء من موضع آخر ولكن معناه ظهر فيكم رسول الله ﷺ ويقال هذا الخطاب لجميع


الصفحة التالية
Icon