١٠٥
قوله تعالى " إن في اختلاف الليل والنهار " وذلك أن أهل مكة قالوا للنبي ﷺ إئتنا بعلامة كما أتت بها الأنبياء قومهم فنزل " إن في اختلاف الليل والنهار " يعني في مجيء الليل وذهاب النهار ومجيء النهار وذهاب الليل ويقال ما يأخذ النهار من الليل وما يأخذ الليل من النهار " وما خلق الله في السموات والأرض " من العجائب يعني فيما خلق الله " آيات " يعني علامات " لقوم يتقون " الله ويخشون عقوبته ويقال لقوم يتقون الشرك
ثم قال تعالى " إن الذين لا يرجون لقاءنا " يعني لا يخافون البعث بعد الموت ويقال لا يرجون ثوابنا بعد الموت " ورضوا بالحياة الدنيا " يعني إختاروا ما في الحياة الدنيا يعني على ثواب الآخرة " واطمأنوا بها " يقول ورضوا بها وسكنوا إليها وآثروها وفرحوا بها " والذين هم عن آياتنا غافلون " يعني عن محمد ﷺ والقرآن معرضون فلا يؤمنون ويقال تاركين لها ومكذبين بها ويقال لم يتفكروا فيها
قوله تعالى " أولئك مأواهم النار " يعني أهل هذه الصفة مصيرهم إلى النار " بما كانوا يكسبون " يعني جزاء لكفرهم وتكذيبهم
ثم أنزل فيما أعد الله للمؤمنين فقال " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم " وقال مقاتل يهديهم على الصراط إلى الجنة بالنور " بإيمانهم " يعني بتوحيدهم الله تعالى في الدنيا وقال الضحاك يدعوهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة وقال الكلبي نحو هذا ويقال هذا على معنى التقديم ومعناه إن الذين يهديهم ربهم بإيمانهم حتى آمنوا وعملوا الصالحات ويقال يهديهم ربهم في الدنيا حتى يثبتهم على الإيمان ويدخلهم في الآخرة الجنة بإيمانهم ويقال ينجيهم ربهم بإيمانهم وقال الحسن يرحمهم ربهم بإيمانهم
ثم قال تعالى " تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم " ينتعمون فيها ثم قال " دعواهم فيها " يعني قولهم في الجنات " سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام " فهذه علامة بينهم وبين خدمهم في الجنة فإذا قالوا هذه المقالة جاءهم الخدم بالموائد ووضعوها بين أيديهم وأوتوا بما يشتهون فإذا فرغوا من الطعام قالوا الحمد لله رب العالمين فذلك قوله تعالى " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " يعني وآخر قولهم بعد ما فرغوا من الطعام أن يقولوا الحمد لله رب العالمين " وتحيتهم فيها سلام " على معنى التقديم وقال الضحاك في قوله تعالى " دعواهم فيها سبحانك اللهم " وذلك أن أهل الجنة إذا خلفوا القيامة وصاروا إلى دار الكرامة يكون فاتحة كلامهم سبحانك اللهم على ما مننت به علينا " وتحيتهم فيها سلام " يقول يسلم عليهم الملائكة من الله تعالى ويقال يسلم بعضهم على بعض