١١١
قوله تعالى " يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم " يعني إثم معصيتكم عليكم وهو كقوله " من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها " [ فصلت : ٤٦ ] ويقال مظالمكم فيما بينكم " على أنفسكم " يعني جنايتكم عليكم وهذا كما يقال في المثل المحسن سيجزى بإحسانه والمسيء ستكفيه مساويه يعني وباله يرجع إليه ثم قال " متاع الحياة الدنيا " يعني تمتعون فيها أيام حياتكم " ثم إلينا مرجعكم " ويقال عيشكم في الدنيا قليل ويقال عمر الدنيا في حياة الآخرة قليل " ثم إلينا مرجعكم " أي بعد الموت في الآخرة " فننبئكم " يعني نخبركم " بما كنتم تعملون " قرأ عاصم في رواية حفص " متاع " بالنصب ويكون نصبا على المصدر ومعناه تمتعون متاع الحياة الدنيا وقرأ الباقون بالضم " متاع " ومعناه هو متاع الحياة الدنيا
سورة يونس ٢٤
ثم ضرب للحياة الدنيا مثلا فقال " إنما مثل الحياة الدنيا " يعني في فنائها وبقائها " كماء أنزلناه من السماء " يعني المطر " فاختلط به نبات الأرض " يعني يدخل الماء في الأرض فينبت به النبات فاتصل كل واحد بالآخر فاختلط " مما يأكل الناس والأنعام " يعني مما يأكل الناس من الحبوب والثمار ومما تأكل الدواب والأنعام من العشب والكلأ " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها " يعني زينتها " وازينت " يعني حسنت بألوان النبات وأصله تزينت فحذفت التاء وأقيم التشديد مقامها وهذا كقوله " أدراكم " [ الحاقة : ٣ ] وأصله تدارك ثم قال " وظن أهلها " يعني وحسب أهل الزرع " أنهم قادرون عليها " يعني على غلاتها وأنها ستتم لهم الآن " أتاها أمرنا " يعني عذابنا " ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا " قال أبو عبيدة الحصيد المستأصل ويقال الحصيد كحصيد السيف " كأن لم تغن بالأمس " يعني صار كأن لم يكن بالأمس فكذلك الدنيا والإنسان يجمع المال ويشتري الضياع ويبني البنيان فيظن أنه قد نال مقصوده فيأتيه الموت فيصير كأنه لم يكن أو رجل ولد له مولود فإذا بلغ فظن أنه قد نال به مقصوده فيموت ويصير كأنه لم يكن " كذلك نفصل الآيات " يعني نبين علامات غرور الدنيا وزوالها لكيلا يغتروا ونبين بقاء الآخرة ليطلبوها " لقوم يتفكرون " بأمثال القرآن ويعتبرون بها
سورة يونس ٢٥
قوله تعالى " والله يدعو إلى دار السلام " يعني يدعو إلى عمل الجنة " ويهدي من


الصفحة التالية
Icon