١٢١
يعني كفرت وأشركت بالله تعالى " ما في الأرض " يعني لو كان لها ما في الأرض " جميعا " يعني النفس " لافتدت به " يعني النفس لافتدت من سوء العذاب أي لا ينفعها لها ولا يقبل منها " وأسروا الندامة " يعني أخفوا الندامة يعني أن القادة أخفوا الندامة من السفلة " لما رأوا العذاب " حين نزل بهم العذاب وعاينوه وشاهدوه " وقضي بينهم بالقسط " بين القادة والسفلة بالعدل ويقال " قضي بينهم " يعني الخلق بالعدل فيعطي ثوابهم على قدر أعمالهم ويقال يقضي بين الكفار بالعدل وبين المؤمنين بالفضل ثم قال " وهم لا يظلمون " يعني لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئا
ثم بين إستغناءه عن عبادة الخلق وقدرته عليهم فقال " إلا إن لله ما في السموات والأرض " يعني كلهم عبيده وإماؤه وهو قادر عليهم ويقال كل شيء يدل على توحيده وأن له صانعا " ألا إن وعد الله حق " يعني بالبعث بعد الموت هو كائن " ولكن أكثرهم لا يعلمون " يعني لا يصدقون به ثم قال تعالى " هو يحيي ويميت وإليه ترجعون " في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم
سورة يونس ٥٧ - ٥٨
قوله تعالى " يا أيها الناس " يعني يا أهل مكة ويقال جميع الناس " قد جاءتكم موعظة من ربكم " يعني نهيا من ربكم عن الشرك على لسان نبيكم ﷺ " وشفاء لما في الصدور " يعني القرآن شفاء للقلوب من الشرك ويقال شفاء من العمى لأن فيه بيان الحلال والحرام " وهدى " من الضلالة ويقال صوابا وبيانا " ورحمة للمؤمنين " يعني القرآن نعمة من الله تعالى على المؤمنين يمنع العذاب عمن آمن وعمل بما فيه
قوله تعالى " قل بفضل الله " يعني قل يا محمد للمؤمنين بفضل الله والإسلام " وبرحمته " القرآن وروي عن إبن عباس أنه " بفضل الله " يعني القرآن " وبرحمته " الإسلام يعني بنعمته عليكم إذ أكرمكم بالإسلام والقرآن وهكذا قال أبو سعيد الخدري وقال الضحاك ومجاهد بفضل القرآن وبرحمته الإسلام وقال مقاتل بفضل الله الإسلام وبرحمته القرآن وعن الحسن مثله وقال القتبي مثله " فبذلك فليفرحوا " يعني بالقرآن والإيمان " هو خير مما يجمعون " من الأموال قرأ إبن عامر " فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون " بالتاء كلاهما على معنى المخاطبة وقرأ الباقون بالياء على معنى المغايبة
سورة يونس ٥٩ - ٦٠
قوله تعالى " قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق " في الكتاب ويقال من السماء ويقال ما أعطاكم الله من الرزق والحرث والأنعام والبحيرة والسائبة وبين في كتاب الله تحليلها " فجعلتم منه حراما وحلالا " يعني حراما على النساء وحلالا على الرجال " قل الله أذن لكم " يعني الله عز وجل أمركم بتحريمه وبتحليله " أم على الله تفترون " يعني تختلقون على الله
كذبا ما لم يقله ولم يأمر به ويقال " قل آلله أذن لكم " أي أمركم بتحريمه فقالوا بلى أمرنا بها فقال الله تعالى " أم على الله تفترون " يعني على الله تختلقون
ثم قال تعالى " وما ظن الذين يفترون على الله الكذب " يعني وما ظنهم حين ينزل بهم العذاب " يوم القيامة " وكيف ينجون منه " إن الله لذو فضل على الناس " يعني لذو من على الناس بتأخير العذاب عنهم " ولكن أكثرهم لا يشكرون " نعمة الله تعالى عليهم بتأخير العذاب عنهم
سورة يونس ٦١
قوله تعالى " وما تكون في شأن " يقول وما تكون يا محمد في أمر من الأمور " وما تتلوا منه من قرآن " يعني وما تقرأ من الله من قرآن يعني مما أوحي إليك فخاطب النبي ﷺ وخاطب أمته أيضا فقال تعالى " ولا تعلمون من عمل إلا كنا عليكم شهودا " يعني عالما بكم وبأعمالكم فلا تنسوه ويقال إلا جعل عليكم شاهدا من الملائكة وهم الحفظة " إذ تفيضون فيه " يعني حين تأخذون في قراءة القرآن ويقال حين تخوضون فيه " وما يعزب عن ربك " قرأ الكسائي " وما يعزب " بكسر الزاي وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان وهكذا روي عن الفراء يعني وما يغيب " عن ربك من مثقال ذرة " قال الكلبي الذرة هي النملة الحميراء وقال مقاتل أصغر نملة في الأرض ويقال الذرة ما يرى في شعاع الشمس والمثقال عبارة عن الوزن يعني لا يغيب عنه وزن الذرة " في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك " يعني ولا أخف من وزن الذرة " ولا أكبر " يعني ولا أثقل من وزن الذرة ويقال لا أقل منه ولا أعظم " إلا في كتاب مبين " يعني مكتوبا في اللوح المحفوظ قرأ حمزة " ولا أصغر من ذلك ولا أكبر " بضم الراءين ومعناه ولا يغيب عنه أصغر من ذلك ولا أكبر منه فيصير رفعا لأنه فاعل وقرأ الباقون بالنصب لأن معناه ولا