١٣٢
ولكن أراد أن يقول ما أشك كما قال لعيسى " أأنت قلت للناس " علم أنه لم يقل ولكن أراد أن يقول ما قلت لهم وذلك أن كفار قريش قالوا إن هذا الوحي يلقيه إليه الشيطان فأنزل الله تعالى " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك " من القرآن " فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك " يعني مؤمني أهل الكتاب فسيخبرونك أنه مكتوب عندهم في التوراة فقال رسول الله ﷺ لا أسأل أحدا ولا أشك فيه بل أشهد أنه الحق وقال القتبي فيه تأويلان أحدهما أن تكون المخاطبة للنبي ﷺ والمراد فيه غيره من الشكاك لأن القرآن نزل عليه بمذاهب العرب وهم يخاطبون الرجل بشيء ويريدون به غيره كما قالوا إياك أعني واسمعي يا جارية وكقوله " يا أيها النبي إتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين " [ الأحزاب : ١ ] أراد به الأمة يدلك عليه قوله تعالى في آخره " إن الله كان بما تعملون خبيرا " [ النساء : ٩٤ ] وكقوله " وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن إلهة يعبدون " [ الزخرف : ٤٥ ] ووجه آخر أن الناس كانوا على ثلاث مراتب منهم من كان مؤمنا ومنهم من كان كافرا ومنهم من كان شاكا وإنما خاطب بهذا الشاك
ثم قال تعالى " لقد جاءك الحق من ربك " يعني القرآن " فلا تكونن من الممترين " يعني من الشاكين " ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله " يعني بالكتاب وبالرسل " فتكون من الخاسرين " يعني من المغبونين
قوله تعالى " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك " يعني وجبت عليهم كلمة ربك بالسخط وقدر عليهم الكفر " لا يؤمنون " يعني لا يصدقون بالقرآن أنه من الله تعالى " ولو جاءتهم كل آية " يعني علامة " حتى يروا العذاب الأليم " يعني الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة قرأ نافع وإبن عامر " كلمات ربك " وقرأ الباقون " كلمة ربك "
سورة يونس ٩٨
قوله تعالى " فلولا كانت قرية آمنت " يقول لم يكن أهل قرية كافرة آمنت عند نزول العذاب " فنفعها إيمانها " وقبل منها الإيمان ودفع عنهم العذاب " إلا قوم يونس " عليه السلام قال مقاتل " فلولا " على ثلاثة أوجه الأول " لولا " يعني فلم مثل قوله تعالى " فلولا كانت قرية آمنت " " فلولا كان من القرون " الثاني " فلولا " يعني فهلا كقوله " فلولا إذ جاءهم بأسنا " [ الأنعام : ٤٣ ] " فلولا إن كنتم غير مدينين " [ الواقعة : ٨٦ ] والثالث