١٣٤
قوله تعالى " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " يعني وفقهم لذلك وهداهم ويقال في الآية مضمر ومعناه ولو شاء ربك أن يؤمنوا لآمنوا كلهم جميعا " أفأنت تكره الناس " يعني الكفار " حتى يكونوا مؤمنين " ويقال هو عمه أبو طالب ولها وجه آخر " ولو شاء ربك " لأراهم علامة ليضطروا إلى الإيمان كما فعل بقوم يونس ولكن لم يفعل ذلك لأن الدنيا دار إبتلاء ومحنة
ثم قال تعالى " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله " يعني بإرادة الله تعالى وتوفيقه " ويجعل الرجس " يعني الكفر " على الذين لا يعقلون " يعني يترك حلاوة الكفر في قلوب الذين لا يرغبون في الإيمان ويقال " ويجعل الرجس " يعني الإثم ويقال " الرجس " يعني العذاب قرأ عاصم في رواية أبي بكر " ونجعل الرجس " بالنون وقرأ الباقون بالياء ثم أخبر أنه لا عذر لمن تخلف عن الإيمان لأنه قد بين العلامات
سورة يونس ١٠١ - ١٠٣
قوله تعالى " قل أنظروا ماذا في السموات والأرض " من الدلائل من الشمس والقمر والنجوم " و " ما في " الأرض " من الجبال والبحار والأشجار والثمار فاعتبروا به
ثم قال حين لم يعتبروا به " وما تغني الآيات " يعني ما تنفع العلامات التي في السموات والأرض " والنذر " يعني الرسل " عن قوم لا يؤمنون " يعني لا يرغبون في الإيمان ولا يطلبون الحق وقال أبو العالية لا تنفع الآيات والرسل " عن قوم لا يؤمنون " أي علم الله في سابق علمه أنهم لا يؤمنون ويقال " عن " ها هنا صلة ومعناه وما تغني الآيات والنذر قوما لا يؤمنون يعني علم الله في الأزل أنهم لا يؤمنون
ثم خوفهم فقال تعالى " فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم " يعني أن يصيبهم العذاب مثل ما أصاب الأمم الخالية " قل فانتظروا " يعني إنتظروا العذاب " إني معكم من المنتظرين " ويقال إنتظروا لهلاكي فإني معكم من المنتظرين لهلاتكم
قوله تعالى " ثم ننجي رسلنا " يعني أنجيناهم من العذاب والهلاك " والذين آمنوا " معهم إنصرف هذا إلى قوله " مثل أيام الذين خلوا من قبلهم ثم ننجي رسلنا " يعني أنجيناهم من العذاب " والذين آمنوا " يعني أنجيناهم معهم ومعناه إذا جاءهم العذاب ينجي الله تعالى محمدا ﷺ ومن آمن معه كما أنجى سائر الرسل والذين آمنوا معهم " كذلك حقا علينا " يعني هكذا واجب علينا " ننج المؤمنين " من العذاب قرأ الكسائي وعاصم في رواية حفص " ثم ننجي " بجزم النون وتخفيف الجيم وقرأ الباقون " ننجي "


الصفحة التالية
Icon