١٤٨
ثم قال " الله أعلم بما في أنفسهم " يعني بما في قلوبهم من التصديق والمعرفة " إني إذا لمن الظالمين " يعني إن طردتهم فلم أقبل منهم الإيمان بسبب إحتقاركم إياهم ما لم أعلم ما في قلوبهم كنت ظالما على نفسي
فعجز قومه عن جوابه " قالوا يا نوح قد جادلتنا " قال مقاتل يعني ماريتنا " فأكثرت جدالنا " يعني مرآءنا وقال الكلبي دعوتنا فأكثرت دعاءنا ويقال وعظتنا فأكثرت موعظتنا " فأتنا بما تعدنا " يعني لا نقبل موعظتك فأتنا بما تعدنا من العذاب " إن كنت من الصادقين " بأن العذاب نازل بنا
" قال " لهم نوح " إنما يأتيكم به الله إن شاء " إن شاء يعذبكم وإن شاء يصرفه عنكم " وما أنتم بمعجزين " يعني إن أراد أن يعذبكم لا تفوتون من عذابه
ثم قال " ولا ينفعكم نصحي " يعني دعائي وتحذيري ونصيحتي " إن أردت أن أنصح لكم " يعني إن أردت أن أدعوكم من الشرك إلى التوحيد والتوبة والإيمان " إن كان الله يريد أن يغويكم " يعني لا تنفعكم دعوتي إن أراد الله أن يضلكم عن الهدى ويترككم على الضلالة ويهلككم " هو ربكم " يعني هو أولى بكم ويقال هو ربكم رب واحد ليس له شريك " وإليه ترجعون " يعني بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم
ثم قال تعالى " أم يقولون إفتراه " قال مقاتل هذا الخطاب لأهل مكة معناه أتقولون إن محمدا تقوله من ذات نفسه " قل " لهم " إن إفتريته " من ذات نفسي " فعلي إجرامي " يعني خطيئتي " وأنا بريء مما تجرمون " يعني من خطاياكم وقال الكلبي هذا الخطاب أيضا لقوم نوح يعني قوم نوح " أم يقولون إفتراه " يعني إختلقه من ذات نفسه فقال لهم نوح " إن إفتريته فعلي إجرامي " يعني آثامي " وأنا بريء مما تجرمون " يعني مما تأثمون
سورة هود ٣٦ - ٣٧
قوله تعالى " وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " قال الحسن إن نوحا عليه السلام لم يدع على قومه حتى نزلت هذه الآية " إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " فدعا عليهم عند ذلك " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " [ نوح : ٢٦ ]
ثم قال تعالى " فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " من الكفر وذلك أن نوحا ندم على دعائه وجعل يبكي ويتأسف عليهم فقال الله تعالى " فلا تبتئس بما كانوا يفعلون " يعني لا يحزنك إذا نزل بهم الغرق بما كانوا يفعلون من الكفر
ثم قال تعالى " واصنع الفلك بأعيننا ووحينا " يقول إعمل السفينة ويقال للواحد وللجماعة الفلك " بأعيننا " قال الكلبي يعني بمنظر منا " ووحينا " يعني بوحينا إليك


الصفحة التالية
Icon