١٥٧
ثم قال " ولما جاء أمرنا " يعني عذابنا وهو الريح العقيم " نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا " يعني بنعمة منا " ونجيناهم من عذاب غليظ " يعني من العذاب الذي عذب به عاد في الدنيا ومما يعذبون به في الآخرة
قال تعالى " وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم " يعني كذبوا بعذاب ربهم أنه غير نازل بهم ومعناه يا أهل مكة أنظروا إلى حالهم كيف عذبوا في الدنيا وفي الآخرة وهذا كقوله تعالى " فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا " [ النمل : ٥٢ ] فكذلك ها هنا " وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم " بين جرمهم ثم بين عقوبتهم فقال " وعصوا رسله " يعني عادا خاصة ويقال معناه كذبوا هودا بما أخبرهم عن الرسل وقيل إنما جمع لأن من كذب رسولا واحدا فقد كذب جميع الرسل " واتبعوا أمر كل جبار عنيد " يعني عملوا بقول كل جبار ويقال أخذوا بدين كل جبار والجبار الذي يضرب ويقتل عند الغضب " عنيد " يعني معرضا ومجانبا عن الحق
ثم بين عقوبتهم فقال " واتبعوا " يعني ألحقوا " في هذه الدنيا لعنة " يعني العذاب والهلاك وهو الريح العقيم " ويوم القيامة " لعنة أخرى وهو عذاب النار إلى الأبد " ألا إن عادا كفروا ربهم " فهذا تنبيه للكفار أن عادا كفروا ربهم فأهلكهم الله تعالى فاحذروا كيلا يصيبكم بكفركم ما أصابهم بكفرهم ويقال " ألا إن عادا كفروا ربهم " يعني ينادي مناد يوم القيامة لإظهار حالهم " ألا إن عادا كفروا ربهم " وقال الضحاك ترفع لهم راية الغدر يوم القيامة فينادي مناد يوم القيامة هذه غدرة قوم عاد فيلعنهم الملائكة وجميع الخلق فذلك قوله تعالى " ألا بعدا " يعني خزيا وسحقا " لعاد قوم هود "
سورة هود ٦١ - ٦٣
قوله تعالى " وإلى ثمود أخاهم صالحا " يعني وأرسلنا إلى ثمود وإنما لم ينصرف لأنه إسم القبيلة وفي الموضع الذي ينصرف جعله إسما للقوم " قال يا قوم إعبدوا الله " أي وحدوا الله وأطيعوه " ما لكم من إله غيره " يعني ليس لكم رب غيره " هو أنشأكم " يعني هو الذي خلقكم " من الأرض " يعني خلق آدم من أديم الأرض وأنتم ولده " واستعمركم فيها " يعني أسكنكم وأنزلكم فيها وأصله أعمركم يقال أعمرته الدار إذا جعلتها له أبدا