١٦٧
ثم قال " وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه " يعني لا أنهاكم عن شيء وأعمل ذلك العمل من نقصان الكيل والوزن ويقال ومعناه أختار لكم ما أختار لنفسي نصيحة لكم وشفقة عليكم " إن أريد إلا الإصلاح " يقول ما أريد إلا العدل " ما استطعت " يعني ما قدرت يعني لا أترك جهدي في بيان ما فيه مصلحة لكم
ثم قال " وما توفيقي إلا بالله " يعني وما تركي هذه الأشياء ودعوتي لكم " إلا بالله " أي إلا بتوفيق الله وبأمره " عليه توكلت " يعني وثقت به " وإليه أنيب " أقبل إليه وأدعو الله بالطاعة
ثم قال " ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي " يعني لا يحملنكم بغضي وعداوتي أن لا تتوبوا إلى ربكم " أن يصيبكم " يعني يقع بكم العذاب " مثل ما أصاب قوم نوح " يعني مثل عذاب قوم نوح بالغرق " أو قوم هود " بالريح " أو قوم صالح " بالصيحة فإن طال عهدكم بهم فاعتبروا بمن أقرب منكم وهم قوم لوط فقال " وما قوم لوط منكم ببعيد " يعني كان هلاكهم قريبا منكم ولا يخفى عليكم أمرهم
سورة هود ٩٠ - ٩١
قوله تعالى " واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه " يعني وتوبوا إلى الله " إن ربي رحيم " بعباده " ودود " يعني يتودد إلى أوليائه بالمغفرة ويقال محب لأهل طاعته
قوله تعالى " قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول " يعني لا نعقل ما تدعونا إليه من التوحيد ومن وفاء الكيل والوزن يعنون إنك تدعونا إلى شيء خلاف ما كنا عليه وخلاف ما كان عليه آباؤنا " وإنا لنراك فينا ضعيفا " يعني ومع ذلك أنت ضعيف العين عنا وقال مقاتل يعني ذليلا لا قوة لك ولا حيلة وقال الكلبي يعني ضرير البصر ويقال إنه ذهب بصره من كثرة بكائه من خشية الله تعالى ويقال وحيدا لم يوافقك من عظمائنا أحد " ولولا رهطك لرجمناك " يعني لولا عشيرتك لقتلناك لأنهم كانوا يقتلون رجما وقال القتبي أصل الرجم الرمي كقوله تعالى " وجعلناها رجوما للشياطين " [ الملك : ٥ ] ثم قد يستعار ويوضع موضع الشتم إذ الشتم رمي كقوله " لئن لم تنته لأرجمنك " [ مريم : ٤٦ ] يعني لأشتمنك ويوضع موضع الظن كقوله " رجما بالغيب " [ الكهف : ٢٢ ] أي ظنا
والرجم أيضا الطرد واللعن وقيل للشيطان رجيم لأنه طريد يرجم بالكواكب وقد يوضع الرجم موضع القتل لأنهم كانوا يقتلون بالرجم ولأن إبن آدم قتل أخاه بالحجارة فلما كان أول القتل رجما سمي القتل رجما وإن لم يكن القتل بالحجارة


الصفحة التالية
Icon