١٨٤
جبريل لا تتعلق بهم فإنك تنجو من البئر فألقوه حتى وقع في قعرها فارتفع حجر حتى قام عليه ثم إنهم أخذوا جديا من الغنم فذبحوه ثم لطخوا القميص بدمه
ثم أقبلوا إلى أبيهم كما قال الله تعالى " وجاؤوا أباهم عشاء يبكون " يعني بعد العصر فلما سمع يعقوب أصواتهم فزع وقال يا بني ما لكم " قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق " يعني نتصيد ويقال ننتضل أي يسابق بعضنا البعض في الرمي " وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب " فلما قالوا هذا القول بكى يعقوب وصاح بأعلى صوته ثم قال أين قميصه فأخذ القميص وبكى ثم قال إن هذا الذئب كان بإبني رحيما كيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه وروى سماك عن عامر أنه قال في قميص يوسف ثلاث آيات حين قد قميصه من دبر وحين ألقي على وجه أبيه فارتد بصيرا وحين جاؤوا على قميصه بدم كذب علم أن الذئب لو أكله لخرق قميصه
فقال لهم كذبتهم فقالوا له " وما أنت بمؤمن لنا " يعني بمصدق لنا في مقالتنا " ولو كنا صادقين " في مقالتنا " وجاؤوا على قميصه بدم كذب " يعني بدم السخلة ولم يكن دم يوسف ويقال بدم كذب أي مكذوب به وقرأ بعضهم " بدم كدب " بالدال يعني بدم طري فأروه القميص بالدم ليعرف به وهي قراءة شاذة وقراءة العامة بالذال وقال يعقوب " قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا " يقول زينت واشتهت لكم أنفسكم أمرا فضيعتموا يوسف " فصبر جميل " يعني علي صبر جميل بلا جزع ويقال معناه لا حيلة لي إلا الصبر ويقال معناه فصبري صبر جميل
وروي عن بعض الصحابة أنه كان يقرأ " فصبرا جميلا " يعني أصبر صبرا جميلا وروي عن رسول الله ﷺ أنه سئل عن قوله " فصبر جميل " قال صبر لا شكوى فيه ومن بث فلم يصبر ثم قال " والله المستعان على ما تصفون " يقول أستعين بالله وأطلب العون من الله وأستعين بالله على ما تقولون وتكذبون من أمر يوسف
سورة يوسف ١٩ - ٢٠
قوله تعالى " وجاءت سيارة " أي قافلة يمرون من قبل مدين إلى مصر فنزلوا بقرب البئر " فأرسلوا واردهم " أي طالب مائهم ويقال أرسل كل قوم ساقيهم يستقي لهم الماء فجاء مالك بن دعر إلى الجب الذي فيه يوسف " فأدلى دلوه " يقول أرخى وأرسل دلوه في البئر فتعلق يوسف بالدلو فنظر مالك بن دعر فإذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان " قال يا بشرى هذا غلام " قرأ إبن كثير ونافع وأبو عمرو وإبن عامر " يا بشراي " بالألف والياء ونصب الياء وقرأ عاصم " يا بشرى " بنصب الراء وسكون الياء وقرأ نافع في رواية


الصفحة التالية
Icon