١٨٨
قوله تعالى " ولقد همت به وهم بها " روى حماد بن سلمة عن الكلبي أنه قال كان من همها أنها دعته إلى نفسها واضطجعت وهم بها بالموعظة والتخويف من الله تعالى وقيل إنه حل سراويله وجلس بين رجليها " لولا أن رأى برهان ربه " يقول مثل له يعقوب في الحائط عاضا على شفتيه فاستحيا فتنحى بنفسه وقال وهب بن منبه لم تزل تخدعه حتى هم بها ودخل معها في فراشها فنودي من السماء مهلا يا يوسف فإنك لو وقعت في خطيئة محي إسمك عن ديوان النبوة وروى إبن أبي مليكة عن إبن عباس أنه سئل عن قوله " لقد همت به وهم بها " ما بلغ من همه قال أطلق هميانه فنودي يا يوسف لا تكن كالطائر له ريش فزنى فسقط ريشه ويقال كان همها هم إرادة وشهوة وهمه هم إضطرار وغلبة وقال بعضهم كان همه حديث النفس والفكر وهما مرفوعان وقال بعضهم " هم بها " يعني يضربها وقال بعضهم يعني هم بالفرار عنها وقال بعضهم " ولقد همت به " تم الكلام ثم قال " وهم بها لولا أن رأى برهان ربه " يعني لما رأى البرهان لم يهم بها فقد قيل هذه الأقاويل والله أعلم وقد روي في الخبر أنه ليس من نبي إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة غير يحيى بن زكريا ولكنهم كانوا معصومين من الفواحش
وقوله تعالى " لولا أن رأى برهان ربه " روى سعيد بن جبير عن إبن عباس أنه قال مثل له يعقوب فضرب بيده على صدره فخرجت شهوته من أنامله وقال محمد بن كعب " لولا أن رأى برهان ربه " قال لولا أن قرأ القرآن من تحريم الزنى وذلك أنه إستقبل بكتاب لله " ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا " [ الإسراء : ٣٢ ]
قال الله تعالى " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء " يقول هكذا صرفت السوء والفحشاء عن يوسف بالبرهان حين إستعاذ إلي بقوله معاذ الله
ثم قال " إنه من عبادنا المخلصين " بالتوحيد والطاعة قرأ إبن كثير وأبو عمرو وإبن عامر " المخلصين " بكسر اللام ومعناه ما ذكرناه وقرأ الباقون " المخلصين " بالنصب يعني المعصومين من الذنوب والفواحش ويقال أخلصه الله بالنبوة والرسالة والإسلام
سورة يوسف ٢٥ - ٢٩
قوله تعالى " واستبقا الباب " يعني تبادرا إلى الباب يعني يوسف وزليخا أما يوسف