٢٢٨
قوله تعالى " أفلم ييأس الذين آمنوا " قال الحسن وقتادة أفلم يعلم الذين آمنوا وقال الفراء لم أجد في العربية مثل هذا ويقال معناه أفلم يتبين للذين آمنوا ويقال هو من الإياس ومعناه أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله تعالى بأنهم لا يؤمنون " أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " يعني إنهم لم يكونوا أهلا لذلك فلم يهدهم وروى ابن أبان بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأ " أفلم يتبين للذين آمنوا " فقيل له إنها " أفلم ييأس الذين آمنوا " فقال إني أرى الكاتب كتبها وهو ناعس وروي في خبر آخر أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن قوله " أفلم ييأس " قال أفلم يعلم الذين آمنوا وقال ابن عباس أما سمعت مالك بن عوف وهو يقول
( قد يئس الأقوام أني أنا ابنه % وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا )
ثم قال " ولا يزال الذين كفروا " يعني أهل مكة " تصيبهم بما صنعوا قارعة " يعني نكبة وشدة ويقال " قارعة " داهية تقرع ويقال لكل مهلكة قارعة ويقال نازلة تنزل لأمر شديد فالمراد هنا سرية من سرايا رسول الله ﷺ تأتيهم وتصيبهم من ذلك شدة " أو تحل قريبا من دارهم " يعني تنزل أنت يا محمد بجماعة أصحابك قريبا من دارهم يعني من مكة وذلك أن النبي ﷺ سار بجنوده حتى أتى عسفان ثم بعث مائتي راكب حتى انتهوا قريبا من مكة ثم قال " حتى يأتي وعد الله " يعني فتح مكة قالوا هذه الآية مدنية
ثم قال " إن الله لا يخلف الميعاد " أي بفتح مكة على النبي صلى الله عليه وسلم
سورة الرعد ٣٢
قوله تعالى " ولقد استهزىء برسل من قبلك " كما استهزأ بك قومك " فأمليت للذين كفروا " يعني أمهلتهم بعد الإستهزاء ولم أعاقبهم " ثم أخذتهم " بالعذاب عند المعصية بالتكذيب فأهلكتهم " فكيف كان عقاب " يعني فكيف رأيت إنكاري وتعييري عليهم بالعذاب لم ير النبي ﷺ عقوبتهم إلا أنه علم بحقيقته فكأنه رأى عيانا
سورة الرعد ٣٣ - ٣٤
قوله تعالى " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " يقول هو الله القائم على كل نفس برة وفاجرة بالرزق لهم والدفع عنهم وجوابه مضمر يعني كمن هو ليس بقائم على ذرة وهذا كقوله " أفمن يخلق كمن لا يخلق " [ النحل : ١٧ ] ثم قال " وجعلوا لله شركاء " يعني قالوا ووصفوا لله شركاء وقال مقاتل " وجعلوا لله شركاء " يقول يعني السواء أنا القائم