٢٣
ثم قال الله تعالى " إذ أنتم بالعدوة الدنيا " يعني أذكروا هذه النعمة إذ كنتم بالعدوة الدنيا قرأ إبن كثير وأبو عمرو " بالعدوة " بالكسر وقرأ الباقون بالضم ومعناهما واحد وهو شفير الوادي ويقال عدوة الوادي وعدوته يعني كنتم على شاطىء الوادي مما يلي المدينة " وهم بالعدوة القصوى " يعني من الجانب الآخر مما يلي مكة " والركب أسفل منكم " يعني العير أسفل منكم بثلاثة أميال على شاطىء البحر حين أقبلوا من الشام " ولو تواعدتم " أنتم والمشركون بالإجماع للقتال " لاختلفتم في الميعاد " أنتم والمشركون " ولكن " جمع الله بينكم على غير ميعاد " ليقضي الله أمرا كان مفعولا " يعني كائنا وكان من قضائه هزيمة الكفار ونصرة محمد ﷺ وأصحابه
قوله تعالى " ليهلك من هلك عن بينة " يقول ليكفر من أراد أن يكفر بعد البيان له من الله تعالى " ويحيى من حي عن بينة " يقول ويؤمن من أراد أن يؤمن بعد البيان له من الله تعالى وقال الكلبي " ليهلك من هلك " على الكفر بعد البيان " ويحيي من حي " بالإيمان " عن بينة " ويقال هذا وعيد من الله لأهل مكة يقول ليقم على كفره من أراد أن يقيم بعد ما بينت له الحق ببدر حين فرقت الحق من الباطل " ويحيي " يعني يقم على الإيمان من أراد أن يقيم بعد ما أرسلت إليه الرسول وأقمت عليه الحجة قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن كثير في رواية شبل البزي " من حيي " بإظهار الياءين والباقون بياء واحدة وأصله بياءين إلا أن أحد الحرفين أدغم في الآخر لأنهما من جنس واحد ثم قال " وإن الله لسميع عليم "
سورة الأنفال ٤٣ - ٤٤
قوله تعالى " إذ يريكهم الله في منامك قليلا " وذلك أن النبي ﷺ رأى في المنام أن العدو قليل قبل أن يلتقوا فأخبر النبي ﷺ أصحابه بما رأى في المنام أن العدو قليل فقالوا رؤيا النبي ﷺ حق والقوم القليل فلما إلتقوا ببدر قلل الله المشركين في أعين المؤمنين لتصديق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم
ثم قال " ولو أراكهم كثيرا لفشلتم " يعني لجبنتم وتركتم الصف " ولتنازعتم في الأمر " يعني إختلفتم في أمر النبي ﷺ " ولكن الله سلم " يعني ولكن الله أتم للمسلمين أمرهم على عدوهم ويقال " سلم " يعني قضى بالهزيمة على الكفار والنصرة للمؤمنين ويقال " إذ يريكهم الله في منامك قليلا " يعني في عينك لأن العين موضع النوم في موضع منامك وروي عن الحسن قال معناه في عينيك التي تنام بها ثم قال " إنه عليم بذات الصدور "


الصفحة التالية
Icon