٢٣١
منه ويقال لكل أجل وقت قد كتب فيه وقال الفراء هذا مقدم ومؤخر أي لكل كتاب أجل مثل قوله " وجاءت سكرة الموت بالحق " [ ق : ١٩ ] أي سكرة الحق بالموت وكذلك قال ابن عباس
ثم قال تعالى " يمحو الله ما يشاء ويثبت " روى شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن قريشا لما نزلت هذه الآية " وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله " [ الرعد : ٣٨ ] قالوا ما نراك يا محمد تملك من شيء ولقد فرغ من الأمر فنزلت هذه الآية تخويفا ووعيدا لهم فإنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما نشاء فيمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء من أرزاق العباد ومصايبهم فيما يعطيهم وبما يرزقهم ويقسم لهم وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل أنه كان يقول في دعائه اللهم إن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا وإن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ما تشاء وعندك أم الكتاب
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال " يمحو الله ما يشاء ويثبت " إلا الشقاوة والسعادة والموت والحياة وروى منصور عن مجاهد أنه قال الشقاوة والسعادة لا يتغيران ويقال " يمحو الله ما يشاء " يعني من أعمال بني آدم وما كتبت الحفظة ما ليس فيه جزاء خير ولا شر " ويثبت " ما فيه جزاء خير أو شر وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت إن الحفظة إذا رفعت ديوان العبد فإن كان في أوله وآخره خير يمحو الله ما بينهما من السيئات وإن لم يكن في أوله وآخره حسنات يثبت ما فيه من السيئات وقال مقاتل " يمحو الله " يعني ينسخ الله ما يشاء من القرآن " ويثبت " يقول ويقر المحكم الناسخ ما يشاء فلا ينسخه ويقال " يمحو الله ما يشاء " يعني المعرفة عن قلب من يشاء " ويثبت " في قلب من يشاء وهو مثل قوله " يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب " [ الرعد : ٢٧ ] وفي آية أخرى " يمحو الله ما يشاء ويثبت " أي يمحو من الشرائع والكتب الممحوة التوراة والإنجيل والزبور والمثبت هو القرآن الذي أنزل على محمد ﷺ وهذا القول هو المختار ويقال يقضي على العبد البلاء فيدعو العبد فيزول عنه كما روي في الخبر الدعاء يرد البلاء
ثم قال تعالى " وعنده أم الكتاب " يعني أصل الكتاب وجملته وهو اللوح المحفوظ كتب فيه كل شيء قبل أن يخلقهم
سورة الرعد ٤٠ - ٤٢
قوله تعالى " وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم " من العذاب والزلازل والمصائب في الدنيا إذ كذبوك وأنت حي " أو نتوفينك " يقول أو نميتنك قبل أن نرينك " فإنما عليك البلاغ " بالرسالة " وعلينا الحساب " يعني الجزاء
ثم قال " أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها " يعني نفتحها من نواحيها وروي عن النبي ﷺ أنه قال هو ذهاب العلماء وقال
ابن عباس ذهاب فقهائها وخيار أهلها وعن إبن مسعود نحوه وقال الضحاك أو لم ير المشركون أنا ننقصها من أطرافها يعني يأخذ النبي ﷺ ما حولهم من أراضيهم وقراهم وأموالهم أفهم الغالبون يعني أو لا يرون أنهم المغلوبون والمنتقصون وعن عكرمة أنه قال الأرض لا تنقص ولكن تنقص الثمار وينقص الناس وعن عطاء أنه قال هو موت فقهائها وخيارها وقال السدي يعني ينقص أهلها من أطرافها ولم تهلك قرية إلا من أطرافها يعني تخرب قبل ثم يتبعها الخراب " والله يحكم لا معقب لحكمه " يقول لا راد لحكمه ولا مغير له ولا مرد لما حكم لمحمد ﷺ بالنصر والغنيمة " وهو سريع الحساب " إذا حاسب فحسابه سريع
قوله تعالى " وقد مكر الذين من قبلهم " يعني صنع الذين من قبلهم كصنيع أهل مكة بمحمد ﷺ " فلله المكر جميعا " يعني يجازيهم جزاء مكرهم وينصر أنبياءه ويبطل مكر الكافرين ثم قال " يعلم ما تكسب كل نفس " برة أو فاجرة " وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار " يعني الجنة
سورة الرعد ٤٣
قوله تعالى " ويقول الذين كفروا لست مرسلا " يعني كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب وسائر اليهود ويقال يعني أهل مكة " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم " يقول كفى بالله شاهدا بيني وبينكم على مقالتكم " ومن عنده علم الكتاب " يعني ومن آمن من أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام وأصحابه " شهيدا بيني وبينكم " لأنهم وجدوا نعته وصفته في كتبهم قرأ إبن كثير وأبو عمرو وعاصم " يمحو الله ما يشاء ويثبت " بجزم الثاء والتخفيف وقرأ الباقون بنصب الثاء وتشديد الباء ومعناهما واحد وقرأ إبن كثير ونافع وأبو عمرو " وسيعلم الكافر " بلفظ الجماعة وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ " ومن عنده " بالكسر