٢٤٥
وقراءة العامة " من كل ما سألتموه " من غير تنوين على معنى الإضافة يعني من جميع ما سألتموه
ثم قال " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " يعني لا تقدروا على أداء شكرها ويقال " لا تحصوها " يعني لا تحفظوها " إن الإنسان " يعني الكافر " لظلوم كفار " يعني يظلم نفسه بالكفر بنعم الله تعالى
سورة إبراهيم ٣٥ - ٣٧
قوله تعالى " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا " يعني مكة آمنا من القتل والغارة ويقال من الجذام والبرص " واجنبني وبني " وذلك أن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت سأل ربه أن يجعل هذا البلد آمنا وخاف على بنيه لأنه رأى القوم يعبدون الأوثان فسأل ربه أن يجنبهم عبادة الأوثان فقال " واجنبني وبني " يقول إحفظني وبني " أن نعبد الأصنام " يعني لكي لا نعبد الأصنام وفيه دليل أن المؤمن لا ينبغي له أن يأمن على إيمانه وينبغي أن يكون متضرعا إلى الله ليثبته على الإيمان كما سأله إبراهيم لنفسه ولبنيه الثبات على الإيمان وروي عن يحيى بن معاذ أنه كان يقول إن جميع سروري بهذا الإسلام وأخاف أن تنزعه مني فما دام هذا الخوف معي رجوت أن لا تنزعه مني
ثم قال " رب إنهن أضللن كثيرا من الناس " يقول بهن ضل كثير من الناس فكأن الأصنام سبب لضلالتهم فنسب الإضلال إليهن وإن لم يكن منهن عمل في الحقيقة وقال بعضهم كان الإضلال منهن لأن الشياطين كانت تدخل أجواف الأصنام وتتكلم فذلك الإضلال منهن
ثم قال تعالى " فمن تبعني فإنه مني " يعني من آمن بي فهو معي على ديني ويقال فهو من أمتي " ومن عصاني " يعني لم يطعني ولم يوحدك " فإنك غفور رحيم " إن تاب وأن توفقه حتى يسلم
ثم قال تعالى " ربنا إني أسكنت من ذريتي " يعني أنزلت بعض ذريتي وهو إسماعيل " بواد غير ذي زرع " يعني بأرض مكة وذلك أن سارة كانت لها جارية يقال لها هاجر فوهبتها من إبراهيم فولدت منه إسماعيل فغارت سارة وناشدته أن يخرج بهما من أرض الشام فأخرجهما إبراهيم عليه السلام إلى أرض مكة ثم رجع إلى سارة فلما كبر إسماعيل