٢٤٧
قوله تعالى " ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون " قرأ حمزة وعاصم وابن عامر " ولا تحسبن " بنصب السين وقرأ الباقون بالكسر ومعناهما واحد يعني لا تظنن يا محمد أن الله غافل عما يعمل الظالمون أي المشركين يعني إن أعمالهم لا تخفى علي ولو شئت لعجلت عقوبتهم في الدنيا قال ميمون بن مهران هذه الآية تعزية للمظلوم ووعيد الظالم " إنما يؤخرهم " يعني يمهلهم ويؤجلهم قرأ أبو عمرو في إحدى الروايتين " نؤخرهم " بالنون وقرأ الباقون بالياء " ليوم تشخص فيه الأبصار " يعني تشخص فيه أبصار الكافرين وذلك حين عاينوا النار شخصت فيه أبصارهم فلا يطرفون فيها
" مهطعين " أي مسرعين يقال أهطع البعير في السير إذا أسرع ويقال " مهطعين " أي ناظرين قاصدين نحو الداعي وقال قتادة " مهطعين " أي مسرعين " مقنعي رؤوسهم " المقنع الذي يرفع رأسه شاخصا بصره لا يطرف وقال مجاهد " مهطعين " مديمي النظر " مقنعي رؤوسهم " رافعي رؤوسهم وقال الخليل بن أحمد المهطع الذي قد أقبل إلى الشيء ينظره ولا يرفع عينيه عنه " مقنعي " يعني رافعي رؤوسهم مادي أعناقهم " لا يرتد إليهم طرفهم " يعني لا يرجع إلى الكفار بصرهم " وأفئدتهم هواء " يعني خالية من كل خير كالهواء ما بين السماء والأرض وقال السدي هوت أفئدتهم بين موضعها وبين الحنجرة فلم ترجع إلى موضعها ولم تخرج كقوله " إذ القلوب لدى الحناجر " [ غافر : ١٨ ] وهكذا قال مقاتل وقال أبو عبيدة " هواء " أي مجوفة لا عقول فيها
ثم قال " وأنذر الناس " يعني خوف أهل مكة " يوم يأتيهم العذاب " في الآخرة
قوله تعالى " فيقول الذين ظلموا " يعني أشركوا " ربنا أخرنا " يعني أجلنا " إلى أجل قريب " لنرجع إلى الدنيا " نجب دعوتك " يعني الإسلام " ونتبع الرسل " على دينهم يقول الله تعالى " أو لم تكونوا أقسمتم من قبل " يقول حلفتم وأنتم في الدنيا من قبل هذا اليوم " ما لكم من زوال " أي لا تزولون عن الدنيا ولا تبعثون
سورة إبراهيم ٤٥ - ٤٧
قوله تعالى " وسكنتم " يقول نزلتم " في مساكن الذين ظلموا أنفسهم " أي أشركوا يعني منازل قوم عاد وثمود " وتبين لكم كيف فعلنا بهم " يقول كيف عاقبناهم عند التكذيب " وضربنا لكم الأمثال " يقول بينا ووصفنا لكم عصيانهم وجحودهم والعذاب الذي نزل بهم يعني إنكم سمعتم هذا كله في الدنيا فلم تعتبروا فلو رجعتم بعد هذا اليوم لا تنفعكم الموعظة أيضا


الصفحة التالية
Icon