٢٧٠
قال الفقيه حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا الفضل بن دكين عن مسعر بن كدام عن أبي مصعب عن أبيه عن أبي كعب قال سيأتي المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذر في صور الرجال يغشاهم أو يأتيهم الذل من كل مكان
سورة النحل ٢٤ - ٢٥
قوله عز وجل " وإذا قيل لهم " يعني الخراصين من أهل مكة وروى أسباط عن السدي قال إجتمعت قريش فقالوا إن محمدا رجل حلو اللسان إذ كلمه رجل ذهب بعقله فانظروا أناسا من أشرافكم فابعثوهم في كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين فمن جاء يريده ردوه عنه فخرج ناس منهم في كل طريق فكان إذا جاء رجل وافد قوم ينظر ما يقول محمد ﷺ فنزل بهم فقالوا له أنا فلان بن فلان فيعرفه بنسبه ثم يقول أنا أخبرك عن محمد فلا تتبعنه هو رجل كذاب لم يتبعه إلا السفهاء والعبيد ومن لاخير فيه أما أشياخ قومه وأخيارهم فهم مفارقوه فيرجعون أي الوافدون وإذا كان الوافد ممن عزم الله له على الرشد يقول بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل وأنظر ماذا يقول فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول محمد ﷺ فيقولون " خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة " [ النحل : ٣٠ ] فذلك قوله " وإذا قيل لهم " أي للمقتسمين من أهل مكة " ماذا أنزل ربكم " على محمد ﷺ " قالوا أساطير الأولين " يعني الذين يذكر أنه منزل هو كذب الأولين وأحاديثهم
قال عز وجل " ليحملوا أوزارهم " أي آثامهم " كاملة " أي وافرة " يوم القيامة " أي لا يغفر لهم شيء وذنوب المؤمنين تكفر عنهم من الصلاة إلى الصلاة ومن رمضان إلى رمضان ومن الحج إلى الحج وتكفر بالشدائد والمصائب وذنوب الكفار لا تغفر لهم ويحملونها كاملة يوم القيامة أي وبال الذنوب التي عملوا بأنفسهم " ومن أوزار الذين يضلونهم " أي يصدونهم عن الإيمان " بغير علم " أي بغير عذر وحجة وبرهان ويقال " من أوزار الذين يضلونهم " أي أوزار إضلالهم وهذا كما قال النبي ﷺ من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " ألا ساء ما يزرون " أي بئس ما يحملون من الذنوب ويقال بئس الزاد زادهم الذنوب
سورة النحل ٢٦ - ٢٧
ثم قال تعالى " قد مكر الذين من قبلهم " أي قد صنع الذين من قبلهم مثل المقتسمين فأبطل الله كيدهم " فأتى الله بنيانهم من القواعد " أي قلع بنيانهم من أساس البيت " فخر عليهم السقف من فوقهم " أي سقف البيت قال الكلبي وهو نمروذ بن كنعان بنى صرحا طوله في السماء خمسة آلاف ذراع وكان عرضه ثلاثة آلاف ذراع وخمسون ذراعا فهدم الله
بنيانه وخر عليهم السقف من فوقهم فأهلكهم الله وقال القتبي هذا مثل أي أهلك من قبلهم من الكفار كما أهلك من هدم مسكنه من أسفله فخر عليه ويقال هدم بنيان مكرهم من الأصل فخر عليهم السقف أي رجع وبال مكرهم إليهم كقوله تعالى " ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله " [ فاطر : ٤٣ ] " وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " أي لا يعلمون
قوله عز وجل " ثم يوم القيامة يخزيهم " أي يعذبهم وما أصابهم في الدنيا لم يكن كفارة لذنوبهم " ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم " أي تعادونني وتخالفونني بسببهم وعبادتهم قرأ نافع " تشاقون " بكسر النون على معنى الإضافة والباقون بالنصب لأنها نون الجماعة
قوله " قال الذين أوتوا العلم " أي الملائكة ويقال المؤمنون " إن الخزي اليوم " أي العقاب " والسوء " أي الشدة من العذاب " على الكافرين "
سورة النحل ٢٨
قوله عز وجل " الذين تتوفاهم الملائكة " أي يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه " ظالمي أنفسهم " أي الذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله تعالى " فألقوا السلم " أي إنقادوا واستسلموا حين رأوا العذاب قالوا " ما كنا نعمل من سوء " أي ما كنا نشرك وقال الكلبي هم قوم خرجوا مع المشركين يوم بدر وقد تكلموا بالإيمان فلما رأوا قلة المؤمنين رجعوا إلى الشرك فقتلوا ويقال جميع المشركين قال الله تعالى " بلى " أشركتم بالله " إن الله عليم بما كنتم تعملون " من الشرك
سورة النحل ٢٩ - ٣١


الصفحة التالية
Icon