٢٧٦
ما أراه إلا عند بعض ما يتنقصون من معاصي الله فخرج رجل فلقي أعرابيا فقال يا فلان ما فعل دينك تخوفته أي تنقصته فرجع إلى عمر فأخبره بذلك ثم قال تعالى " فإن ربكم لرءوف رحيم " أي لا يعجل عليهم بالعقوبة
سورة النحل ٤٨ - ٥٠
قوله " أولم يروا " قرأ حمزة والكسائي " تروا " بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ الباقون بالياء على معنى المغايبة يعني أولم يعتبروا " إلى ما خلق الله من شيء " عند طلوع الشمس وعند غروبها " يتفيؤا ظلاله " يعني يدور ظلاله " عن اليمين والشمائل " قال القتبي أصل الفيء الرجوع وتفيؤ الظلال رجوعها من جانب إلى جانب " سجدا لله وهم داخرون " أي صاغرون ويقال وهم مطيعون وأصل السجود التطأطؤ والميل يقال سجد البعير إذا تطأطأ وسجدت النخلة إذا مالت ثم قد يستعار السجود ويوضع موضع الإستسلام والطاعة ودوران الظل من جانب إلى جانب هو سجوده لأنه مستسلم منقاد مطيع فذلك قوله " سجدا لله وهم داخرون "
ثم قال تعالى " ولله يسجد " أي يستسلم " ما في السموات " من الملائكة والشمس والقمر والنجوم " وما في الأرض من دابة " أي يسجد لله جميع ما في الأرض من دابة " والملائكة " يعني وما على الأرض من الملائكة ويقال فيه تقديم وتأخير ومعناه ما في السموات من الملائكة وما في الأرض من دابة ويقال معناه يسجد له جميع ما في السموات وما في الأرض يعني الدواب والملائكة يعني الذين هم في السموات والأرض " وهم لا يستكبرون " أي لا يتعظمون عن السجود لله تعالى " يخافون ربهم من فوقهم " أي يخافون الله تعالى وروي عن النبي ﷺ أنه قال إن لله تعالى ملائكة في السماء السابعة سجودا مذ خلقهم الله تعالى إلى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله تعالى فإذا كان يوم القيامة رفعوا رؤوسهم فقالوا ما عبدناك حق عبادتك فذلك قوله " يخافون ربهم من فوقهم " أي يخافون خوفا معظمين مجلين ويقال خوفهم بالقهر والغلبة والسلطان ويقال معناه يخافون ربهم الذي على العرش كما وصف نفسه والطريق الأول أصح كقوله " يد الله فوق أيديهم " [ الفتح : ١٠ ] أي بالقهر والغلبة والسلطان " ويفعلون ما يؤمرون " أي لا يعصون الله تعالى طرفة عين قرأ أبو عمرو " يتفيؤا " بالتاء بلفظ التأنيث وقرأ الباقون بالياء لأن تأنيثه ليس بحقيقي ولأن الفعل مقدم فيجوز أن يذكر ويؤنث