٢٩٧
قوله عز وجل " إنما جعل السبت على الذين إختلفوا فيه " يقول إنما أمروا في السبت بالقعود عن العمل " على الذين إختلفوا فيه " أي في يوم الجمعة وذلك أن موسى عليه السلام أمرهم أن يتفرغوا لله تعالى في كل سبعة أيام يوما واحدا فيعبدوه ولا يعملوا فيه شيئا من أمر الدنيا وستة أيام لصناعتهم ومعايشهم ويتفرغوا في يوم الجمعة فأبوا أن يقبلوا ذلك اليوم وقالوا إنما نختار السبت اليوم الذي فرغ الله فيه من أمر الخلق فجعل ذلك عليهم وشدد عليهم ثم جاءهم عيسى بالجمعة فاختاروا يوم الأحد وقال مجاهد " إنما جعل السبت على الذين إختلفوا فيه " أي في السبت اتبعوه وتركوا الجمعة وروى همام عن أبي هريرة أنه قال قال النبي ﷺ نحن الآخرون السابقون يوم القيامة وأوتيناه من بعدهم يوم الجمعة فهذا يومهم الذي إختلفوا فيه فهدانا الله له فهم لنا فيه تبع واليهود غدا والنصارى بعد غد
ثم قال " وإن ربك ليحكم بينهم " أي يقضي بينهم " يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " من الدين فبين لهم الحق معاينة
ثم قال عز وجل " ادع إلى سبيل ربك " أي إلى دين ربك وإلى طاعة ربك " بالحكمة " أي بالنبوة والقرآن " والموعظة الحسنة " أي عظهم بالقرآن " وجادلهم بالتي هي أحسن " أي حاججهم وناظرهم بالحجة والبيان ويقال باللين وفي الآية دليل أن المناظرة والمجادلة في العلم جائزة إذا قصد بها إظهار الحق وهذا مثل قوله " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن " [ العنكبوت : ٤٦ ] وقوله " فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا " [ الكهف : ٢٢ ]
ثم قال " إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله " أي عن دينه " وهو أعلم بالمهتدين " لدينه
قوله عز وجل " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " قال إبن عباس وذلك حين قتل المشركون حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله ﷺ يوم أحد ومثلوا به فقال النبي ﷺ لئن أمكننا الله لنمثلن بالأحياء فضلا عن الأموات فنزل " وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " الآية وقال محمد بن كعب القرظي لما رأى رسول الله ﷺ حمزة بالحال التي هو بها حين


الصفحة التالية
Icon