٣٠٤
قوله " فمحونا آية الليل " " وجعلنا آية النهار مبصرة " أي وتركنا علامة النهار مضيئة مبينة " لتبتغوا فضلا من ربكم " أي لتطلبوا رزقا من ربكم في النهار " ولتعلموا عدد السنين والحساب " أي حساب الشهور والأيام " وكل شيء فصلناه تفصيلا " أي بيناه في القرآن
سورة الإسراء ١٣ - ١٥
قوله عز وجل " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " قال ابن عباس أي خيره وشره مكتوب عليه لا يفارقه وقال قتادة سعادته وشقاوته قال الفقيه حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا يزيد بن ربيع عن يونس عن الحسن قال في قوله " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " قال " طائره " عمله وإليه هداه أميا كان أو غير أمي وروى الحكم عن مجاهد قال ما من مولود إلا وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد وقال الضحاك " طائره في عنقه " الشقاوة والسعادة والأجل والرزق " ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا " أي مفتوحا قرأ ابن عامر " يلقاه " بضم الياء وتشديد القاف أي يعطاه والباقون " يلقاه " أي يراه
وقوله " اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " أي شاهدا ويقال محاسبا لما ترى فيه كل حسنة وسيئة محصاة عليك قال ابن عباس فإن كان مؤمنا أعطي كتابه بيمينه وهي صحيفة يقرأ سيئاته في باطنها وحسناته في ظاهرها فيجد فيها عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا وصنعت كذا وكذا وقلت كذا وكذا في سنة كذا وكذا في شهر كذا وكذا وفي يوم كذا وفي ساعة كذا وكذا فإذا انتهى إلى أسفلها قيل له قد غفرها الله لك اقرأ ما في ظهرها فيقرأ حسناته فيسره ما يرى فيها ويشرق لونه عند ذلك يقول " هآؤم اقرءوا كتابيه " [ الحاقة : ١٩ ] قال ويعطى الكافر كتابه بشماله ويقرأ حسناته في باطنها وسيئاته في ظاهرها فإذا انتهى إلى آخره قيل له هذه حسناتك قد ردت عليك اقرأ ما في ظهرها فيرى فيها سيئاته قد حفظت عليه كل صغيرة وكبيرة فيسوءه ذلك ويسود وجهه وتزرق عيناه ويقول عند ذلك " ياليتني لم أوت كتابيه " [ الحاقة : ٢٥ ] فذلك قوله " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " أي حفيظا وقال مقاتل وذلك حين جحد فختم على لسانه وتكلمت جوارحه فشهدت جوارحه على نفسه وذلك قوله " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " أي شهيدا فلا شاهد عليك أفضل من نفسك
ثم قال " من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه " يعني من اجتهد حتى اهتدى فثوابه لنفسه