٣٠٨
ثم قال تعالى " ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين " أي بارين فإن لم تكونوا بارين فارجعوا إلى الله وتوبوا إليه " فإنه كان للأوابين غفورا " أي للراجعين من الذنوب إلى طاعة الله تعالى وقال مجاهد الأواب الذي يذكر ذنوبه في الخلوة ويستغفر منها وقال سعيد بن جبير الأواب الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب وقال الحسن الأواب الذي يقبل إلى الله بقلبه وعمله وقال السدي الأواب المحسن وقال القتبي الأواب التائب مرة بعد مرة من قولك آب يؤوب ويقال الأواب الذي يصلي بين المغرب والعشاء
قوله تعالى " وآت ذا القربى حقه " أي صلته " والمسكين " أي أعط السائلين " وابن السبيل " أي الضيف النازل وحقه ثلاثة أيام " ولا تبذر تبذيرا " أي لا تنفق مالك في غير طاعة الله تعالى وروي عن عثمان بن الأسود أنه قال سمعت مجاهدا ونحن نطوف بالبيت ورفع رأسه إلى أبي قبيس وقال لو كان أبو قبيس ذهبا لرجل فأنفقه في طاعة الله تعالى لم يكن مسرفا ولو أنفق درهما في طاعة الشيطان كان مسرفا وروى الأعمش عن الحكم عن أبي عبيدة وكان ضريرا وكان عبد الله بن مسعود يدنيه فجاءه يوما فقال من نسأل إن لم نسألك فقال سل فقال فما الأواه قال الرحيم قال فما التبذير قال إنفاق المال في غير حقه قال فما الماعون قال ما يعاره الناس فيما بينهم قال فما الأمة قال الذي يعلم الناس الخير
ثم قال تعالى " إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين " أي المنفقين أموالهم في غير طاعة الله تعالى كانوا أعوان الشياطين " وكان الشيطان لربه كفورا " أي كافرا
سورة الإسراء ٢٨ - ٢٩
قوله عز وجل " وإما تعرضن عنهم " أي عن قرابتك في الرحم وغيرهم ممن يسألك حياء منهم ورحمة لهم " إبتغاء رحمة من ربك ترجوها " أي إنتظار رزق من ربك أن يأتيك أو قدوم مال غائب عنك ترجو حضوره " فقل لهم قولا ميسورا " أي هينا لينا وعدهم عدة حسنة وقال مقاتل نزلت الآية في خباب بن الأرت وبلال وعمار ونحوهم من أصحاب الصفة كانوا يسألون النبي ﷺ فلا يجد شيئا يعطيهم فيعرض عنهم فنزلت الآية وقال السدي معناه لا تعرض عنهم إبتغاء أن تصيب مالا " فقل لهم قولا ميسورا " أي قل لهم نعم وكرامة ليس عندنا اليوم شيء فإن أتانا شيء نعرف حقكم وقال محمد بن الحنفية كان رسول الله ﷺ لا يقول لشيء لا فإذا سئل وأراد أن يفعل يقول نعم وإذا لم يرد أن يفعل سكت فكان قد علم ذلك منه


الصفحة التالية
Icon