٣٢٣
الطاهر فيمسح فنهاه الله تعالى عن ذلك ونزل " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك " وروى أبو معشر عن أصحابه منهم القرظي قال لما قرأ رسول الله ﷺ سورة النجم فبلغ " أفرءيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى " [ النجم : ٢٠ ] جرى على لسانه تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن ترتجى فلما بلغ السجدة سجد فسجد معه المشركون ثم جاء جبريل فقال ما جئتك بهذا فنزل " وإن كادوا ليفتنونك " إلى قوله " وإذا لاتخذوك خليلا " فلم يزل النبي ﷺ مغموما حتى نزل " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي " إلى قوله " ألقى الشيطان في أمنيته " الآية
وروى سعيد بن جبير عن قتادة قال ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول الله ﷺ ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه وكان في قولهم أن قالوا يا محمد إنك تأتي بشيء لم يأت به أحد من الناس وأنت سيدنا وإبن سيدنا فما زالوا يكلمونه حتى كاد أن يقاربهم ولا أن الله تعالى منعه وعصمه عن ذلك فقال تعالى " ولولا أن ثبتناك " [ الإسراء : ٧٤ ] الآية وذلك قوله " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك " في القرآن " لتفتري علينا غيره " يعني لتقول وتفعل غير الذي أمرتك في القرآن " وإذا لاتخذوك خليلا " أي صفيا وصديقا ويقال إن المشركين قالوا للنبي ﷺ أطرد عن مجلسك سقاط الناس ومواليهم حتى نجلس معك فهم النبي ﷺ أن يفعل ذلك فنزل " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك " من تقريب المسلمين " وإذا لاتخذوك خليلا " لو فعلت ما طلبوا منك
سورة الإسراء : ٧٤ - ٧٦
ثم قال " ولولا أن ثبتناك " يقول عصمناك ويقال حفظناك " لقد كدت تركن إليهم " أي هممت أن تميل إليهم " شيئا قليلا " وتعطي أمنيتهم شيئا قليلا " إذا لأذقناك ضعف الحياة " أي عذاب الدنيا " وضعف الممات " أي عذاب الآخرة وهذا قول إبن عباس وروى إبن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال " ضعف الحياة " عذابها أي عذاب الدنيا " وضعف الممات " أي عذاب الآخرة وهذا مثل الأول ويقال " ضعف الممات " أي عذاب القبر ويقال هذا وعيد للنبي ﷺ أي لو فعلت ذلك يضاعف لك العذاب على عذاب غيرك كما قال تعالى " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب