٣٣٩
رجل شاب وذلك الملك قد مضى عليه دهر طويل فما أنا بالذي أرسلك حتى تخبرني من أين لك هذه الدراهم فقص عليه أمره وأمر أصحابه فقال أناس من المسلمين قد أخبروا بقصتهم أن آباءنا أخبرونا أن فتية قد خرجوا بدينهم وهم مسلمون فرارا من دقيانوس الملك وإنا والله لا ندري ولعله صادق فاركب وانظر لعله شيء أراد الله أن يظهرك عليه أو يكون في ولايتك فركب الملك وركب معه الناس المسلم والكافر حتى إنتهوا إلى الكهف فلما رأى أصحابه الناس قد إنتهوا إليهم عانق بعضهم بعضا يبكون ولا يشكون إلا أنه الملك الجبار الكافر فقال لهم تمليخا أمكثوا حتى أدخل أولا فدخل عليهم فأخبرهم بالقصة
قال إبن عباس في رواية أبي صالح دخل عليهم الملك والناس فسألوهم عن أمرهم فقصوا عليهم قصتهم فنظروا فإذا اللوح الرصاص الذي كتبه المسلمان فيه أسماؤهم وأسماء آبائهم فقال الملك هم قوم هلكوا في زمن دقيانوس وأحياهم الله في زماني فلم يبق أحد من الكفار مع الملك إلا أسلموا كلهم إذا رأوهم فبينما هم يتحدثون إذ ماتوا كلهم
وقال في رواية سعيد بن جبير عن إبن عباس قال إن القوم لما انتهوا إلى الكهف قال لهم الفتى مكانكم حتى أدخل على أصحابي لا تهجموا عليهم فيفزعوا منكم فدخل فعمي عليهم المكان فلم يدروا أين ذهب ولم يقدروا على الدخول عليهم فقالوا " لنتخذن عليهم مسجدا " فجعلوا عليهم مسجدا وصاروا يصلون فيه فذلك قوله " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم " أي أيقظناهم " لنعلم أي الحزبين " يعني أي الفريقين المسلم والكافر " أحصى " أي أحفظ " لما لبثوا أمدا " يعني لما مكثوا أجلا وكان المسلمان كتبا في اللوح فظهر لهم مقدار ما لبثوا فيه ولم يعلم الكفار مقدار ذلك ويقال " أي الحزبين " يعني الذين كانوا مؤمنين قبل ذلك والذين أسلموا في ذلك الوقت ويقال أي الفريقين أصدق قولا لأنهم قد إختلفوا في البعث منهم من كان ينكر ذلك فظهر لهم أن البعث حق
قوله تعالى " نحن نقص عليك نبأهم " أي ننزل عليك في القرآن خبر الفتية " بالحق " أي بالصدق " إنهم فتية آمنوا بربهم " أي صدقوا بتوحيد ربهم " وزدناهم هدى " أي يقينا وبصيرة في أمر دينهم
سورة الكهف ١٤ - ١٦


الصفحة التالية
Icon