٣٤٤
السموات والأرض ) أي عالم بما لبثوا في رقودهم وقال الكلبي " أبصر به وأسمع " أي هو عالم بقصة أصحاب الكهف وغيرهم " ما لهم من دونه من ولي " أي أصحاب الكهف " ولا يشرك في حكمه أحدا " قرأ إبن عامر " ولا تشرك " بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ الباقون بالياء ومعناه أنه قد جرى ذكر علمه وقدرته وأعلم أنه لا يشرك في حكمه أحدا كما قال " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا " [ الجن : ٢٦ ] ومن قرأ بالتاء يقول لا تنسبن أحدا إلى عالم الغيب ومعناه أنه لا يجوز لأحد أن يحكم بين رجلين بغير حكم الله تعالى فيما حكم أو دل عليه حكم الله فليس لأحد أن يحكم من ذات نفسه
سورة الكهف ٢٧ - ٢٨
ثم قال تعالى " واتل ما أوحي إليك " يقول اقرأ عليهم الذي أنزل إليك " من كتاب ربك " يعني القرآن " لا مبدل لكلماته " يقول لا مغير لنزول القرآن ولا خلف له ويقال ولا ينقص منه ولا يزاد فيه " ولن تجد من دونه ملتحدا " أي لا ملجأ يمنعك منه ويقال " ملتحدا " أي مانعا يمنعك ويقال معدلا وإنما سمي اللحد لحدا لأنه في ناحية ويقال معناه وإن زدت فيه أو نقصت منه لن تجد من عذابه ملجأ " واصبر نفسك " يقول واحبس نفسك " مع الذين يدعون ربهم " أي يصلون لله تعالى " بالغداة والعشي " يعني الصلوات الخمس
قال إبن عباس نزلت الآية في سلمان وصهيب وعمار بن ياسر وخباب بن الأرت وعامر بن فهيرة ونحوهم من الفقراء قالوا بينا رسول الله ﷺ جالس ذات يوم عنده سلمان على بساط منسق بالخوص أي منسوج إذ دخل عليه عيينة بن حصن الفزاري فجعل يدفعه بمرفقه وينحيه حتى أخرجه من البساط وكان على سلمان شملة قد عرق فيها فقال عيينة إن لنا شرفا فإذا دخلنا عليك فأخرج هذا أو أضربه فوالله إنه ليؤذيني ريحه أما يؤذيك ريحه فإذا خرجنا من عندك فأدخلهم وأذن لهم بالدخول إن بدا لك أن يدخلوا عليك أو إجعل لنا مجلسا ولهم مجلسا فنزل " واصبر نفسك " الآية " يريدون وجهه " أي يطلبون رضاه
وقال " ولا تعد عيناك عنهم " أي لا تجاوزهم ويقال لا تحتقرهم ولا تزدرهم " تريد زينة الحياة الدنيا " أي ما قال عيينة بن حصن الفزاري وأمثاله " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا " أي عن القرآن " واتبع هواه " في عبادة الأصنام " وكان أمره فرطا " أي ضياعا وقال السدي هلاكا قال أبو عبيدة ندما وقال القتبي أصله من العجلة والسبق قال المفسرون أي سرفا وقال الزجاج تفريطا وهو العجز


الصفحة التالية
Icon