٣٨٠
هو ما ملك الموت فأخبره بالقصة ثم نظر الملك إلى إدريس قال ما تقول يا إدريس قال أقول إن الله يقول " كل نفس ذائقة الموت " [ آل عمران : ١٨٥ ] فقد ذقته ويقول الله عز وجل " وإن منكم إلا واردها " [ مريم : ٧١ ] وقد وردتها وقال لأهل الجنة " وما هم منها بمخرجين " [ الحجر : ٤٨ ] فوالله لا أخرج منها حتى يكون الله عز وجل هو الذي يخرجني قال فسمع هاتفا يقول بإذني دخل وبإذني فعل فخل سبيله فذلك قوله عز وجل " ورفعناه مكانا عليا " يعني الجنة ويقال " رفعناه " في القدر والمنزلة ويقال " رفعناه " في النبوة والعلم
ثم قال عز وجل " أولئك " يعني إبراهيم وموسى وإسماعيل وإدريس وسائر الأنبياء عليهم السلام " الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح " من سائر الأنبياء وهم ولد نوح عليه السلام إلا إدريس عليه السلام يعني حملناهم على السفينة وهم في صلب نوح وأولاده " ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل " وهو يعقوب " وممن هدينا " يعني أكرمنا بالنبوة ويقال أكرمنا بالإسلام " واجتبينا " يعني واصطفينا بعد هؤلاء " إذا تتلى عليهم آيات الرحمن " يعني القرآن " خروا سجدا وبكيا " يعني يسجدون ويبكون من خوف الله عز وجل بكي جمع باكي وقوله " سجدا وبكيا " منصوب على الحال وقال بعضهم " بكيا " مصدر بكى يبكي بكيا وقال الزجاج من قال مصدر فهو خطأ لأن " سجدا " جمع ساجد " وبكيا " عطف عليه فهو جمع باك
سورة مريم ٥٩ - ٦٢
قوله تعالى " فخلف من بعدهم خلف " يعني بقي بعد الأنبياء الذين ذكرناهم من أول السورة إلى هنا بقيات سوء وهم اليهود والنصارى يقال في الرداءة خلف بإسكان اللام وفي الصلاح خلف بفتح اللام
ثم وصفهم فقال " أضاعوا الصلاة " يعني عن وقتها ويقال تركوها ويقال تركوا الصلاة فلم يؤدوها وجحدوا بها فكفروا " واتبعوا الشهوات " يعني شرب الخمر ويقال إستحلوا الزنى ويقال إستحلوا نكاح الأخت من الأب " فسوف يلقون غيا " يعني شرا ويقال وادي في جهنم يسمى غيا ويقال مجازاة الغي كما قال الله عز وجل " يلق أثاما " [ الفرقان : ٦٨ ] أي مجازاة الآثام
ثم إستثنى فقال تعالى " إلا من تاب " يعني رجع عن الكفر " وآمن " يعني صدق بتوحيد الله عز وجل " وعمل صالحا " بعد التوبة " فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا " يعني لا ينقصون شيئا من ثواب أعمالهم