٤٠٥
سورة طه ٦٧ - ٧١
ثم قال " فأوجس في نفسه خيفة موسى " يعني أضمر في قلبه الخوف وخاف أن لا يظفر به إن صنع القوم مثل ما صنع ويقال خاف من الحيات من جهة الطبع " قلنا لا تخف " يعني أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن لا تخف " إنك أنت الأعلى " يعني الغالب و " فأوجس " أي أحس ووجد خوفا من سحرهم فقال تعالى " لا تخف إنك أنت الأعلى " عليهم بالظفر والغلبة
قوله عز وجل " وألق ما في يمينك " يعني إطرح ما في يمينك من العصا " تلقف ما صنعوا " يعني تلقم ما عملوا " إنما صنعوا كيد ساحر " يعني عمل سحر قرأ عاصم في رواية حفص " تلقف " بالجزم والتخفيف وقرأ إبن كثير في الروايتين " تلقف " بالنصب والتشديد وضم الفاء وقرأ الباقون بجزم الفاء وتشديد القاف لأنه جواب الأمر وقرأ حمزة والكسائي " كيد سحر " بغير ألف وقرأ الباقون " كيد ساحر " وقال أبو عبيد بهذا نقرأ لأن إضافة الكيد إلى الرجل أولى من إضافته إلى السحر وقرأ بعضهم " كيد سحر " بنصب الدال جعله نصبا لوقوع الفعل عليه وهو قوله تعالى " صنعوا " وهذا كما يقول إنما ضربت زيدا وقراءة العامة بالضم لأنه خبر إن وما إسم ومعناه إن الذي صنعوا كيد سحر " ولا يفلح الساحر حيث أتى " أي حيثما عمل ويقال لا يفوز حيثما كان وذهب
قوله عز وجل " فألقي السحرة سجدا " يعني من سرعة ما سجدوا كأنهم ألقوا وهذا قول الأخفش وقال الفراء والقتبي وقعوا للسجود " قالوا آمنا برب هارون وموسى " يعني صدقنا به " قال " لهم فرعون " آمنتم له قبل أن آذن لكم " يعني قبل أن آمركم " إنه لكبيركم " يعني موسى لعالمكم " الذي علمكم السحر " وإنما أراد به التلبيس على قومه لأنه علم أنهم لم يتعلموا من موسى وإنما علموا السحر قبل قدوم موسى وقبل ولادته
ثم قال " فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف " اليد اليمنى والرجل اليسرى " ولأصلبنكم في جذوع النخل " يعني على أصول النخل على شاطىء النيل " ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى " يعني وأدوم أنا أم رب موسى
سورة طه ٧٢ - ٧٣


الصفحة التالية
Icon