٤٥٩
ثم قال عز وجل " ذلك " يقول هذا الذي أمر من إجتناب الأوثان " ومن يعظم شعائر الله " يعني البدن فيذبح أعظمها وأسمنها وروي عن إبن عباس أنه قال تعظيمها إستعظامها وأيضا إستسمانها وإستحسانها ثم قال " فإنها من تقوى القلوب " يعني من إخلاص القلوب ويقال من صفاء القلوب و " شعائر الله " معالم الله ودينه التي ندب إلى القيام بها وواحدها شعيرة
قوله عز وجل " لكم فيها منافع " يعني في البدن وقال مجاهد يعني في ركوبها وشرب ألبانها وأوبارها " إلى أجل مسمى " يعني إلى أجل مسمى بدنا فمحلها إلى البيت العتيق وروي عن إبن عباس نحو هذا وقد قول بعض الناس إنه يجوز ركوب البدن وقال أهل العراق لا يجوز إلا عند الضرورة ويضمن ما نقصها الركوب وهذا القول أحوط الوجهين " ثم محلها " يعني منحرها " إلى البيت العتيق " يعني في الحرم وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال جميع فجاج مكة منحر
ثم قال عز وجل " ولكل أمة " يعني لكل أهل دين ويقال لكل قوم من المؤمنين فيما خلا " جعلنا منسكا " يعني ذبحا لهراقة دمائهم ويقال مذبحا يذبحون فيه قال الزجاج معناه جعلنا لكل أمة أن تتقرب بأن تذبح الذبائح لله تعالى قرأ حمزة والكسائي " منسكا " بكسر السين وقرأ الباقون بالنصب فمن قرأ بالكسر يعني مكان النسك ومن قرأ بالنصب فعلى المصدر وقال أبو عبيد قرائتنا هي بالنصب لفخامتها
ثم قال " ليذكروا إسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " يعني يذكرون إسم الله تعالى عند الذبح " فإلهكم إله واحد " أي ربكم رب واحد " فله أسلموا " أي أخلصوا بالتسمية عند الذبيحة وفي التلبية " وبشر المخبتين " أي المخلصين بالجنة ويقال المجتهدين في العبادة والسكون فيها قال قتادة المخبتون المتواضعون وقال الزجاج أصله من الخبت من الأرض وهو المكان المنخفض ويقال المخبت الذي فيه الخصال التي ذكرها الله بعده وهو قوله عز وجل " الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم " يعني خافت قلوبهم " والصابرين على ما أصابهم " من أمر الله من المرازي والمصائب " والمقيمي الصلاة " يعني يقيمونها بمواقيتها " ومما رزقناهم ينفقون " يعني يتصدقون وينفقون في الطاعة ثم ذكر البدن يعني ينحرون البدن فهذه الخصال الخمسة صفة المخبتين
سورة الحج ٣٦ - ٣٧


الصفحة التالية
Icon