٤٧٢
قوله عز وجل " وجاهدوا في الله حق جهاده " يعني إعملوا لله عز وجل حق عمله ويقال جاهدوا في طاعة الله عز وجل وطلب مرضاته وقال الحسن " حق جهاده " أن تؤدي جميع ما أمرك الله عز وجل به وتجتنب جميع ما نهاك الله عنه وأن تترك رغبة الدنيا لرهبة الآخرة وروي عن النبي ﷺ أن رجلا سأله فقال أي الجهاد أفضل فقال كلمة عدل عند السلطان
ثم قال " هو إجتباكم " يعني إختاركم واصطفاكم " وما جعل عليكم في الدين من حرج " يعني في الإسلام من ضيق ولكن جعله واسعا ولم يكلفكم مجهود الطاقة وإنما كلفكم دون ما تطيقون ويقال وضع عنكم إصركم والأغلال التي كانت عليكم ويقال " وما جعل عليكم في الدين من حرج " وهو ما رخص في الإفطار في السفر والصلاة قاعدا عند العلة وقال قتادة أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم يعطها إلا نبي كان يقال للنبي ﷺ إذهب فليس عليك من حرج وقال لهذه الأمة " وما جعل عليكم في الدين من حرج " وكان يقال للنبي ﷺ أنت شهيد على قومك وقال لهذه الأمة " وتكونوا شهداء على الناس " وكان يقال للنبي ﷺ سل تعط وقال لهذه الأمة " أدعوني أستجب لكم " [ غافر : ٦٠ ]
ثم قال " ملة أبيكم إبراهيم " قال الزجاج إنما صار منصوبا لأن معناه إتبعوا ملة أبيكم إبراهيم قال وجائز أن يكون وافعلوا الخير فعل أبيكم إبراهيم ويقال معناه " وما جعل عليكم في الدين من حرج " ولكن جعل لكم ملة سمحة سهلة كملة أبيكم إبراهيم " هو سماكم المسلمين من قبل " يعني الله تعالى سماكم المسلمين ويقال إبراهيم سماكم أي من آمن بمحمد ﷺ والقرآن والطريق الأول أصح لأنه قال من قبل " وفي هذا " يعني الله سماكم المسلمين في سائر الكتب من قبل هذا القرآن وفي هذا القرآن " ليكون الرسول شهيدا عليكم " يعني محمدا ﷺ شهيدا على أمته بأنه بلغهم الرسالة بالتصديق لهم " وتكونوا شهداء على الناس " يعني على سائر الأمم أن الرسل قد بلغتهم وقال مقاتل " وتكونوا شهداء على الناس " يعني للناس يعني للرسل على قومهم كقوله وما ذبح على النصب أي للنصب
ثم قال " فأقيموا الصلاة " يعني أقروا بها وأتموها " وآتوا الزكاة " يعني أقروا بها وأدوها ثم قال " واعتصموا بالله " يعني وثقوا بالله إذا فعلتم ذلك ويقال معناه تمسكوا بتوحيد الله تعالى وهو قول لا إله إلا الله " هو مولاكم " أي وليكم وناصركم وحافظكم " فنعم المولى " يعني نعم الحافظ " ونعم النصير " يعني نعم المانع لكم برحمته والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


الصفحة التالية
Icon