٤٧٦
" فتبارك الله أحسن الخالقين " يعني أحكم المصورين وروى أبو صالح عن عبد الله بن عباس قال كان عبد الله بن سعيد بن أبي سرح يكتب هذه الآيات للنبي ﷺ فلما انتهى إلى قوله " ثم أنشأناه خلقا آخر " عجب من تفضل الإنسان أي من تفضيل خلق الإنسان فقال " فتبارك الله أحسن الخالقين " فقال النبي ﷺ أكتب هكذا أنزلت فشك عند ذلك وقال لئن كان محمد صادقا فيما يقول إنه يوحى إليه فقد أوحي إلي كما أوحي إليه ولئن قال من ذات نفسه فلقد قلت مثل ما قال فكفر بالله تعالى
وقال مقاتل والزجاج كان عمر رضي الله عنه عند رسول الله ﷺ إذ أنزلت عليه هذه الآية فقال عمر " فتبارك الله أحسن الخالقين " فقال النبي ﷺ هكذا أنزلت علي فكأنه أجرى على لسانه هذه الآية قبل قراءة النبي ﷺ وقد قيل إن الحكاية الأولى غير صحيحة لأن إرتداد عبد الله بن أبي سرح كان بالمدينة وهذه الآية مكية قرأ إبن عامر وعاصم في رواية أبي بكر " فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظم لحما " وقرأ الباقون " عظاما " بالألف ومعناهما واحد لأن الواحد يغني عن الجنس
سورة المؤمنون ١٥ - ٢٠
قوله تعالى " ثم إنكم بعد ذلك لميتون " يعني تموتون عند إنقضاء آجالكم " ثم إنكم يوم القيامة تبعثون " يعني تحيون بعد الموت فذكر أول الخلق لأنهم كانوا مقرين بذلك ثم أثبت الموت لأنهم كانوا يشاهدونه ثم أثبت البعث الذي كانوا ينكرونه ثم ذكر قدرته فقال عز وجل " ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق " يعني سبع سموات بعضها فوق بعض كالقبة وقال مقاتل والكلبي غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماءين كذلك وقال أهل اللغة الطرائق واحدها طريقة ويقال طارقت الشيء يعني إذا جعلت بعضه فوق بعض وإنما سمي الطرائق لأن بعضها فوق بعض
ثم قال " وما كنا عن الخلق غافلين " أي عن خلقهن عاجزين تاركين ويقال لكل سماء طريقة لأن على كل سماء ملائكة عبادتهم مخالفة لعبادة ملائكة السماء الأخرى يعني لكل أهل سماء طريقة من العبادة " وما كنا عن الخلق غافلين " أي لم نكن نغفل عن حفظهن كما قال " وجعلنا السماء سقفا محفوظا " [ الأنبياء : ٣٢ ]


الصفحة التالية
Icon