٤٨٢
قوله عز وجل " ولقد آتينا موسى الكتاب " يعني التوراة " لعلهم يهتدون " يعني لكي يهتدوا يعني بني إسرائيل
قوله تعالى " وجعلنا إبن مريم وأمه آية " يعني عبرة وعلامة لبني إسرائيل ولم يقل آيتين وقد ذكرناه ثم قال " وآويناهما إلى ربوة " وذلك أنهما لما ولدت عيسى عليه السلام هم قومها إن يرجموها فخرجت من بيت المقدس إلى أرض دمشق والربوة المكان المرتفع " ذات قرار ومعين " يعني أرضا مستوية " ومعين " يعني الماء الجاري الطاهر وهو مفعول من العين وأصله معيون كما يقال ثوب مخيط وقال سعيد بن المسيب الربوة هي دمشق ويقال هي بيت المقدس لأنها أقرب إلى السموات من سائر الأرض ويقال إنها الرملة وفلسطين قرأ إبن عامر وعاصم " ربوة " بنصب الراء وقرأ الباقون بالضم ومعناهما واحد
قوله عز وجل " يا أيها الرسل " يعني محمدا ﷺ وإنما خاطب به النبي ﷺ وأراد به النبي ﷺ وأمته كما يجيء في مخاطبتهم " كلوا من الطيبات " يعني من الحلالات قال الفقيه أبو الليث رحمه الله حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا إبن صاعد قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا الفضل بن مرزوق قال أخبرني عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات " وقال " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " [ البقرة : ٥٧ ] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك وقال الزجاج خوطب بهذا النبي ﷺ فقيل " يا أيها الرسل " وتضمن هذا الخطاب أن الرسل عليهم السلام جميعا كذا أمروا قال ويروى أن عيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمه وكان رزق النبي ﷺ من الغنيمة وأطيب الطيبات الغنائم
ثم قال تعالى " واعملوا صالحا " يعني خالصا " إني بما تعملون عليم " يعني قبل أن تعملوا
قوله عز وجل " وإن هذه أمتكم أمة واحدة " يعني دينكم الذي أنتم عليه يعني ملة الإسلام دين واحد عليه كانت الأنبياء عليهم السلام والمؤمنون " وأنا ربكم فاتقون " يعني أنا شرعته لكم فأطيعون قرأ إبن كثير ونافع وأبو عمرو " أن " بنصب الألف وتشديد النون وقرأ إبن عامر بنصب الألف وسكون النون وقرأ الباقون بكسر الألف والتشديد على معنى الإبتداء