٤٨٥
لم يستطع أن يصلي قائما فليصل قاعدا " وعندنا كتاب ينطق بالحق " وهو الذكر يعني اللوح المحفوظ " وهم لا يظلمون " يعني لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم " بل قلوبهم في غمرة من هذا " يعني في غفلة من الإيمان بهذا القرآن ويقال هم في غفلة من هذا الذي وصفنا من كتابة الأعمال " ولهم أعمال من دون ذلك " قال مقاتل يقول لهم أعمال خبيثة دون الشرك " هم لها عاملون " أي لتلك الأعمال لا محالة التي في اللوح المحفوظ وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال ذكر الله تعالى " الذين هم من خشية ربهم مشفقون " ثم قال للكفار " بل قلوبهم في غمرة من هذا " ثم رجع إلى المؤمنين فقال " ولهم أعمال من دون ذلك " الأعمال التي عددت هم لها عاملون
ثم قال عز وجل " حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب " يعني أغنياءهم وجبابرتهم بالعذاب قال مجاهد يعني بالسيوف يوم بدر وقال الكلبي بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الجيف " إذا هم يجأرون " أي يصيحون ويتضرعون إلى الله تعالى حين نزل بهم العذاب ويقال يدعون ويستغيثون
يقول الله تعالى " لا تجأروا اليوم " يعني لا تضجوا ولا تتضرعوا اليوم " إنكم منا لا تنصرون " يعني من عذابنا لا تمنعون
قوله عز وجل " قد كانت آياتي تتلى عليكم " أي تقرأ وتعرض عليكم " فكنتم على أعقابكم تنكصون " أي ترجعون إلى الشرك وتميلون إليه " مستكبرين به " أي متعظمين ويقال " تنكصون " أي تقيمون عليه " مستكبرين به " يعني بالبيت صار هذا كناية من غير أن يسبق ذكر البيت لأن ذلك البيت كان معروفا عندهم وقال مجاهد " مستكبرين به " أي بمكة بالبلد " سامرا " بالليل لجلسائهم " تهجرون " بالقول الذي في القرآن ويقال " تهجرون " يعني تتكلمون بالفحش وسب النبي ﷺ وهذا كما قال ﷺ زوروها يعني المقابر ولا تقولوا هجرا يعني فحشا وقال القتبي " مستكبرين به " يعني بالبيت العتيق تهجرون به ويقولون نحن أهله سامرا والسمر حديث الليل وقال أهل اللغة السمر في اللغة ظل القمر ولهذا سمي حديث الليل سمرا لأنهم كانوا يجتمعون في ظل القمر ويتحدثون قرأ نافع " سامرا تهجرون " بضم التاء وكسر الجيم وقرأ الباقون بنصب التاء وضم الجيم وقال أبو عبيد هذه القراءة أحب إلينا فيكون من الصدود والهجران كقوله " فكنتم على أعقابكم تنكصون " [ المؤمنون : ٦٦ ] يعني تهجرون القرآن ولا تؤمنون به ومن قرأ " تهجرون " أراد الإفحاش في المنطق وقد فسرها بعضهم على الشرك
سورة المؤمنون ٦٨ - ٧٤