٤٩
من رمضان فمكث حتى دخل شوال فبعث رسول الله ﷺ رجلا من بني سليم عينا له يقال له عبد الله بن أبي حدرد فأتى حنينا فكان بينهم يسمع أخبارهم فسمع من مالك بن عوف أمير القوم لأصحابه أنتم اليوم أربعة آلاف رجل فإذا لقيتم العدو فاحملوا عليهم حملة رجل واحد واكسروا جفون سيوفكم فوالله لا تضربون بأربعة آلاف سيف شيئا إلا أفرج لكم وكان مالك بن عوف على هوازن فأقبل إبن أبي حدرد حتى أتى النبي ﷺ فأخبره بمقالتهم فقال رجل من المسلمين فوالله يا نبي الله ﷺ لا نغلب اليوم من كثرة فساء رسول الله ﷺ كلمته وابتلى الله المؤمنين بكلمته تلك
قال الفقية حدثنا أبو جعفر قال حدثنا الفقيه علي بن أحمد الفارسي قال حدثنا نصير بن يحيى قال حدثنا أبو سليمان قال حدثنا الفقيه محمد بن الحسن عن مجمع بن يعقوب عن إسحاق بن عبد الله عن أبي طلحة قال سمعت أنس بن مالك يقول لما إنتهى رسول الله ﷺ إلى وادي حنين وهو وادي من أودية تهامة له مضايق وشعاب فاستقبلنا من هوازن جيش لا والله ما رأيت مثله في ذلك قط من السواد والكثرة وقد ساقوا أموالهم ونساءهم وأبناءهم وراءهم ثم صفوا فحملوا النساء فوق الإبل وراء صفوف الرجال ثم جاؤوا بالإبل والغنم وراء ذلك لكيلا يفروا بزعمهم فلما رأينا ذلك السواد حسبناهم رجالا كلهم فلما إنحدرنا بالوادي وهو وادي حدور فبينا نحن فيه إذ شعرنا أي ما شعرنا إلا بالكتائب قد خرجت علينا من مضايق الوادي وشعبه فحملوا علينا حملة رجل واحد وقد كانت قريش بمكة طلبوا إلى النبي ﷺ أن يخرجوا معه إلى حنين فلم يقل لهم لا ولا نعم فخرجوا وكانوا هم أول من إنهزم من الناس قال أنس فولوا دبرهم وتبعهم الناس منهزمين ما يلوون على شيء فسمعت رسول الله ﷺ يومئذ يقول والتفت عن يمينه وعن يساره يا أنصار الله وأنصار رسوله أنا عبد الله ورسوله صابر اليوم ثم تقدم بحربته أمام الناس فوالذي بعثه بالحق ما ضربنا بسيف ولا طعنا برمح حتى هزمهم الله تعالى ثم رجع النبي ﷺ إلى المعسكر وأمر بطلبهم وأن يقتل كل من قدر عليه منهم وجعلت هوازن تولي وثاب من إنهزم من المسلمين قال الراوي فقالت أم سليم وكانت يومئذ تقاتل شادة على بطنها بثوب تقول أرأيت يا رسول الله الذين أسلموا وفروا عنك وخذلوك لا تعف عنهم إن أمكنك الله منهم فاقتلهم كما تقتل هؤلاء المشركين فقال رسول الله ﷺ يا أم سليم عفو الله أوسع
وروي في خبر آخر أن دريد بن الصمة كان شيخا كبيرا في عسكر مالك بن عوف وكان صاحب تدبير وكان لا يبصر شيئا ما لم يرفع
حاجباه فقال ما لي أسمع رغاء الإبل