٤٩١
تعالى " إخسئوا فيها " يعني إصغروا فيها واسكتوا أي كونوا صاغرين " ولا تكلمون " أي ولا تكلموني بعد ذلك
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم بن يوسف قال حدثنا أبو حفص عن سعيد عن قتادة عن أبي أيوب الأزدي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال إن أهل النار ليدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ثم يرد عليهم إنكم ماكثون ثم يدعون ربهم ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فلا يجيبهم مقدار ما كانت الدنيا مرتين ثم يجيبهم " إخسئوا فيها ولا تكلمون " فوالله ما نبس القوم بعد هذا بكلمة إلا الزفير والشهيق
وروي عن إبن عباس أنه قال لما قال الله تعالى " إخسئوا فيها ولا تكلمون " فانطبقت أفواههم وانكسرت ألسنتهم فمن الأجواف يعوون كعواء الكلب ويقال " إخسئوا " أي تباعدوا تباعد سخط يقال خسأت الكلب إذا زجرته ليتباعد
ثم بين لهم السبب الذي إستحقوا تلك العقوبة به فقال " إنه كان فريق من عبادي يقولون " وهم المؤمنون " ربنا أمنا " أي صدقنا " فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين "
قوله عز وجل " فاتخذتموهم سخريا " يعني هزوا " حتى أنسوكم ذكري " يعني أنساكم الهزء بهم العمل بطاعتي " وكنتم منهم تضحكون " في الدنيا قرأ عاصم وإبن عامر وإبن كثير وأبو عمرو " سخريا " بكسر السين وكذلك في سورة ص وكانوا يقرؤون في الزخرف بالرفع قالوا لأن في هذين الموضعين من الإستهزاء وهناك في الزخرف من السخرة والعبودية فما كان من الإستهزاء فهو بالكسر وما كان من التسخير فهو بالضم وقرأ حمزة والكسائي ونافع " سخريا " كل ذلك بالضم وقال أبو عبيد هكذا نقرأ لأنهن يرجعن إلى معنى واحد وهما لغتان سخري وسخري وذكر عن الخليل وعن سيبويه أن كلاهما واحد
قوله عز وجل " إني جزيتهم اليوم بما صبروا " يعني جعلت جزاءهم الجنة وهم المؤمنون بما صبروا يعني بصبرهم على الأذى وعلى أمر الله تعالى " أنهم هم الفائزون " يعني الناجين قرأ حمزة والكسائي " إنهم " بكسر الألف على معنى الإبتداء والمعنى إني جزيتهم
ثم أخبر فقال " إنهم هم الفائزون " وقال أبو عبيد وقرأ الباقون " أنهم " بالنصب أني جزيتهم لأنهم هم الفائزون وقال أبو عبيد الكسر أحب إلي على إبتداء المدح من الله تعالى