٥١٨
يعني لآية " لأولي الأبصار " يعني لذوي العقول والفهم في الدين وسئل سعيد بن المسيب أي العبادة أفضل فقال التفكير في خلقه والتفقه في دينه ويقال العبر بالوقار والمعتبر بمثقال
سورة النور ٤٥ - ٤٦
قوله عز وجل " والله خلق كل دابة من ماء " يعني من ماء الذكر قرأ حمزة والكسائي " خالق كل دابة " على معنى الإضافة وقرأ الباقون " خلق كل دابة " على معنى فعل الماضي ويقال هذا معطوف على ما سبق " يهدي الله لنوره من يشاء " فكأنه يقول يهدي من يشاء ويضل من يشاء كما أنه يخلق ما يشاء من الخلق ألوانا
ثم وصف الخلق فقال تعالى " فمنهم من يمشي على بطنه " مثل الحية ونحو ذلك فإن قيل لا يقال للدواب منهم وأن هذا اللفظ يستعمل للعقلاء قيل له الدابة إسم عام وهو يقع على ذي روح فيقع ذلك على العقلاء وغيرهم فإذا كان هذا اللفظ يقع على العقلاء وغيرهم فذكر بلفظ العقلاء ولو قال فمنه كان جائزا وينصرف إلى قوله " كل " ولكنه لم يقرأ وإنما قال " يمشي " على وجه المجاز وإن كان حقيقته المشي بالرجل لأنه جمعه مع الذي يمشي على وجه التبع
ثم قال " ومنهم من يمشي على رجلين " مثل الإنسان ونحوه " ومنهم من يمشي على أربع " أي على أربع قوائم مثل الدواب وأشباهها فإن قيل إيش الحكمة في خلق كل شيء من الماء قيل له لأن الخلق من الماء أعجب لأنه ليس شيء من الأشياء أشد طوعا من الماء لأن الإنسان لو أراد أن يمسكه بيده أو أراد أن يبني عليه أو يتخذ منه شيئا لا يمكنه والناس يتخذون من سائر الأشياء أنواع الأشياء قيل فالله تعالى أخبر أنه يخلق من الماء ألوانا من الخلق وهو قادر على كل شيء
ثم قال " يخلق الله ما يشاء " يعني كما يشاء وكيف يشاء " إن الله على كل شيء " من الخلق وخلقه " قدير " أي قادر
قوله عز وجل " لقد أنزلنا آيات مبينات " قرأ أبو عمرو وعاصم ونافع وإبن كثير في رواية أبي بكر " مبينات " بنصب الياء في جميع القرآن يعني مفصلات وقرأ حمزة والكسائي وإبن عامر " مبينات " بكسر الياء يعني يبين للناس دينهم " والله يهدي من يشاء " أي يرشد من كان أهلا لذلك " إلى صراط مستقيم " يعني إلى دين مستقيم وهو دين الإسلام


الصفحة التالية
Icon