٥٢٤
سورة النور ٦١
قوله عز وجل " ليس على الأعمى حرج " قال في رواية الكلبي كانت الأنصار يتنزهون عن الأكل مع الأعمى والمريض والأعرج وقالوا إن هؤلاء لا يقدرون أن يأكلوا مثل ما نأكل فنزل " ليس على الأعمى حرج " يعني ليس على من أكل مع الأعمى حرج " ولا على " من أكل مع " الأعرج حرج ولا على " من أكل مع " المريض حرج " إذا أنصف في مؤاكلته وقال بعضهم هذا التفسير خطأ وهو غير محتمل في اللغة لأنه أضاف الحرج إلى الأعمى لا إلى من أكل معه وقد قيل إن هذا صحيح لأنه ذكر الأعمى وأراد به الأكل مع الأعمى كقوله " وأشربوا في قلوبهم العجل " [ البقرة : ٩٣ ] أي حب العجل قال وكما قال " واسأل القرية " وللآية وجه آخر وهو أن الأعمى كان يتحرج عن الأكل مع الناس مخافة أن يأكل أكثر منهم وهو لا يشعر والأعرج أيضا يقول إني أحتاج لزمانتي أن يوسع لي في المجلس فيكون عليهم مضرة والمريض يقول الناس يتأذون مني لمرضي ويقذرونني فيفسد عليهم الطعام فنزل " ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج " يعني لا بأس بأن يأكلوا مع الناس ولا مأثم عليهم ولها وجه آخر وهو ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان الناس يخرجون إلى الغزو ويدفعون مفاتيحهم إلى الزمنى والمرضى ويقولون قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في منازلنا وكانوا يتورعون منازلهم حتى نزلت هذه الآية وإلى هذا يذهب الزهري رضي الله عنه
وذكر أيضا أن مالك بن زيد وكان صديقه الحارث بن عمرو خرج غازيا وخلف مالكا في أهله وماله وولده فلما رجع الحارث رأى مالكا متغيرا لونه فقال ما أصابك فقال لم يكن عندي شيء آكله فجهدت من الشدة والجوع ولم يكن يحل لي أن آكل شيئا من مالك فنزلت هذه الآية إلى قوله " أو صديقكم "
ثم قال تعالى " ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم " أي لا حرج عليكم أن تأكلوا من بيوتكم أو من بيوت عيالكم وأزواجكم ويقال " من بيوتكم " يعني من بيوت بعضكم بعضا وذلك أنه لما نزل قوله " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " إمتنع الناس من أن يأكل