٥٢٩
قوله عز وجل " واتخذوا من دونه آلهة " يعني تركوا عبادة الله الذي خلق هذه الأشياء وعبدوا غيره " لا يخلقون شيئا " يعني عبدوا شيئا لا يقدر أن يخلق ذبابا ولا غيره " وهم يخلقون " يتخذونها بأيديهم " ولا يملكون لأنفسهم ضرا " أي لا تقدر الآلهة أن تمتنع ممن أراد بها سوءا " ولا نفعا " أي لا تقدر أن تسوق إلى نفسها خيرا ويقال لا يملكون دفع مضرة ولا جر منفعة " ولا يملكون موتا " يعني لا يقدرون أن يميتوا أحدا " ولا حياة " أي ولا يحيون أحدا " ولا نشورا " يعني بعث الأموات ويقال " ولا يملكون موتا " يعني الموت الذي كان قبل أن يخلقوا " ولا حياة " يعني أن يزيدوا في الأجل " ولا نشورا " بعد الموت ويقال " ولا حياة " يعني أن يبقوا أحدا " ولا نشورا " يعني أن يحيوه بعد الموت وإنما ذكر الأصنام بلفظ العقلاء لأن الكفار يجعلونهم بمنزلة العقلاء فخاطبهم بلغتهم
سورة الفرقان ٤ - ٩
ثم قال عز وجل " وقال الذين كفروا " يعني كفار مكة " إن هذا إلا إفك " يعني ما القرآن إلا كذب " إفتراه " يعني كذبا إختلقه من ذات نفسه " وأعانه عليه آخرون " يعني جبرا ويسارا " فقد جاءوا ظلما وزورا " وقال بعضهم هذا قول الكفار يعني إن الذين أعانوه قد جاءوا ظلما وزورا وقال بعضهم هذا قول الله تعالى ردا على الكفار بقولهم هذا " فقد جاءوا ظلما وزورا " يعني شركا وكذبا " وقالوا أساطير الأولين إكتتبها " يعني أباطيلهم إكتتبها يعني كتبها من جبر ويسار يعني أساطير الأولين " فهي تملى عليه " يعني تقرأ وتملى عليه " بكرة وأصيلا " يعني تقرأ عليه غدوة وعشية
قوله عز وجل " قل " يا محمد " أنزله " يعني القرآن " الذي يعلم السر في السموات والأرض " يعني يعلم السر والعلانية ومعناه لو كان هذا القول من ذات نفسه لعلمه الله تعالى وإذا علمه لعاقبه كما قال تعالى " ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين " [ الحاقة : ٤٤ ] ثم قال " إنه كان غفورا رحيما " فكأنه يقول إرجعوا وتوبوا فإنه كان " غفورا " لمن تاب " رحيما " بالمؤمنين