٥٥٢
فرعون أن ها هنا إنسانا يذكر أنه رسول رب العالمين فقال ائذن له لعلنا نضحك منه وقال السدي لما أتى باب فرعون ضرب موسى عليه السلام عصاه على الباب ففزع من ذلك فرعون فأذن له في الدخول من ساعته فلما دخل عليه عرفه فأدى الرسالة فقال له فرعون " ألم نربك فينا وليدا " قال الفقيه أبو الليث رحمه الله أول ما بدأ فرعون بكلام السفلة ومن على نبي الله ﷺ أنما أطعمه فقال " ألم نربك فينا وليدا " يعني ألم تكن فينا صغيرا قد ربيناك " ولبثت فينا " يعني مكثت عندنا " من عمرك سنين " يعني ثلاثين سنة " وفعلت فعلتك التي فعلت " يعني قتلت النفس التي قتلتها
وقرأ في الشاذ " ف علتك " بكسر الفاء هي قراءة الشعبي وقراءة العامة بالنصب والنصب يقع على فعل واحد والكسر على المرات يعني قتلت مرة وهممت بالقتل ثانيا ثم قال " وأنت من الكافرين " أي من الكافرين بنعمتي ويقال كفرت بي حيث قتلت النفس ويقال وأنت من الجاحدين للقتل يعني لم تقر بالقتل فأخبره موسى أنه غير جاحد للقتل " قال فعلتها إذا " يعني قتلت النفس " وأنا من الضالين " عن النبوة كقوله " ووجدك ضالا فهدى " [ الضحى : ٧ ] ويقال من الجاهلين ولم أتعمد القتل قال القتبي أصل الضلالة العدول عن الحق ثم يكون لمعاني منها النسيان لأن الناس عادل عنه فكما قال ها هنا " فعلتها إذا وأنا من الضالين " أي من الناسين وكما قال " أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى " [ البقرة : ٢٨٢ ]
ثم قال عز وجل " ففررت منكم " يعني هربت منكم إلى مدين " لما خفتكم " على نفسي أن تقتلوني " فوهب لي ربي حكما " قال الكلبي يعني النبوة وقال مقاتل يعني العلم والفهم " وجعلني من المرسلين " إليكم
ثم قال عز وجل " وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل " يعني أو كان هذا نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل فكأنه أنكر عليه فقال كيف تكون نعمتك التي تمن علي فإنك قد عبدت بني إسرائيل أي إستعبدتهم ولم تعبدني ويقال معناه " تلك نعمة " إنما صارت نعمة بتعبيدك بني إسرائيل لأنك لو لم تعبدهم لم تجعلني أمي في التابوت حتى صرت في بيتك ولكن إنما صارت نعمة لأجلك حيث عبدت بني إسرائيل وقال مقاتل " وتلك نعمة " تمنها علي يا فرعون بإحسانك إلي خاصة وبترك أبنائك أن عبدت بني إسرائيل وقال الكلبي يقول تستعبد بني إسرائيل وتمن علي بذلك
سورة الشعراء ٢٣ - ٣٣