٥٦٧
سورة الشعراء ١٩٢ - ١٩٩
قوله عز وجل " وإنه لتنزيل رب العالمين " يعني القرآن ويقال إنه إشارة إلى ما ذكر في أول السورة " تلك آيات الكتاب المبين " وأنه يعني الكتاب لتنزيل رب العالمين " نزل به الروح الأمين " قرأ حمزة والكسائي وإبن عامر وعاصم في رواية أبي بكر " نزل " بالتشديد وقرأ الباقون بالتخفيف فمن قرأ بالتشديد فمعناه نزل الله تعالى بالقرآن الروح الأمين يعني جبريل عليه السلام نصب الروح لوقوع الفعل عليه يعني أنزل الله تعالى جبريل بالقرآن ومن قرأ بالتخفيف فمعناه نزل جبريل عليه السلام بالقرآن فجعل الروح رفعا لأنه فاعل ثم قال " على قلبك " أي نزله عليك ليثبت به قلبك ويقال أي لكي يحفظ به قلبك ويقال " على قلبك " أي نزل على قدر فهمك وحفظك ويقال أي نزله عليك فوعاه قلبك وثبت فيه فلا تنساه أبدا كما قال " سنقرئك فلا تنسى " [ الأعلى : ٦ ] ويقال " على قلبك " يعني على موافقة قلبك ومرادك " لتكون من المنذرين " يعني من المخوفين بالقرآن للكفار من النار
ثم قال عز وجل " بلسان عربي مبين " يعين يبين لهم بلغتهم ويقال بلغة قريش وهوازن وكان لسانهما أفصح قال مقاتل وذلك أنهم كانوا يقولون إنه يعلمه أبو فكيهة وكان أعجميا روميا فأخبر أن القرآن بلغة قريش " وإنه لفي زبر الأولين " يعني أمر محمد ﷺ ونعته وصفته في كتب الأولين كما قال " يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل " [ الأعراف : ١٥٧ ] والزبر الكتب واحدها زبور مثل رسل ورسول ويقال إنه يعني القرآن " لفي زبر الأولين " يعني بعضه كان في كتب الأولين ويقال نعت القرآن وخبره كان في كتب الأولين
ثم قال عز وجل " أو لم يكن لهم آية " قرأ إبن عامر وحده " تكن " و " آية " بالضم وقرأ الباقون بالياء بلفظ التذكير " آية " بالنصب فمن قرأ بلفظ التذكير والنصب جعل " أن يعلمه " إسم كان وجعل " آية " خبر كان والمعنى أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل على جهة المعنى ومن قرأ بلفظ التأنيث والضم جعل " آية " هي الإسم " وأن يعلمه " خبر تكن ومعنى القراءتين واحد وذلك أن كفار مكة بعثوا رسولا إلى يهود المدينة وسألوهم عن بعثته فقالوا هذا زمان خروجه ونعته كذا فنزل " أو لم يكن لهم آية " يعني لكفار مكة " آية " يعني علامة " أن يعلمه علماء بني إسرائيل " يعني إن هذا علامة لهم ليؤمنوا به
ثم قال " ولو نزلناه على بعض الأعجمين " يعني القرآن لو نزلناه بالعبرانية على رجل ليس بعربي اللسان من العبرانيين " فقرأه عليهم " يعني على كفار مكة " ما كانوا به مؤمنين "