٥٨٦
ثم قال " لولا تستغفرون الله " يعني هلا تسألون الله المغفرة ويقال هلا تؤمنون وتوحدون الله تعالى وترجعون من الشرك لعلكم ترحمون يعني لكي ترحموا فلا تعذبوا
قوله عز وجل " قالوا إطيرنا بك " وأصله تطيرنا بك يعني تشاءمنا بك " وبمن معك " وذلك أنه قد أصابهم القحط بتكذيبهم إياه فقالوا هذا الذي أصابنا بشؤمك وشؤم أصحابك " قال " لهم صالح " طائركم عند الله " يعني ما أصابكم فمن الله ويقال هذا الذي يصيبكم هو مكتوب عند الله ويقال خيركم وشركم ورخاؤكم وشدتكم من عند الله عليكم بفعلكم ويقال عقوبتكم عند الله " بل أنتم قوم تفتنون " أي تبتلون بذنوبكم ويقال تختبرون بالخير والشر وأصل الفتنة هي الإختبار ويقال فتنت الذهاب بالنار لتنظر إلى جودته
قوله عز وجل " وكان في المدينة " يعني في قرية صالح عليه السلام وهي الحجر " تسعة رهط " كانوا أغنياء قوم صالح " يفسدون في الأرض ولا يصلحون " يعني يعملون بالمعاصي في أرض قريتهم " ولا يصلحون " أي لا يطيعون الله تعالى فيها ولا يتوبون من المعصية ولا يأمرون بها فسأل قوم صالح منه ناقة فصارت الناقة بلية لهم فكانت تأتي مراعيهم فتأكل جميع ما فيها فتنفر منها دوابهم وتشرب ماء بئرهم العذب الذي يشربون منه فجعلوا نيابة للشرب فتشرب ذلك اليوم الماء كله وتسقيهم اللبن حتى يرووا فجاء هؤلاء التسعة وفيهم قذار بن سالف عاقر الناقة وكان إبن زانية أحمر أزرق ومصدع بن دهر وكانا قد قعدا لها فلما مرت بهما رماها مصدع بسهم ثم قال يا قذار إضرب فضرب عرقوبها فعقروها ثم سلخوها واقتسموا لحمها فأوعدهم الله الهلاك وبين لهم العلامة بتغيير ألوانهم فاجتمع التسعة و " قالوا تقاسموا بالله " يعني تحالفوا بالله " لنبيتنه " قرأ حمزة والكسائي بالتاءين وضم التاء الثاني " وأهله ثم لنقولن " بالتاء وقرأ الباقون بالنون ونصب التاء " ثم لنقولن " بالنون ونصب اللام فمن قرأ بالنون جعل " تقاسموا " خبرا فكأنهم قالوا متقاسمين فيما بينهم " لنبيتنه وأهله " أي لنقتلنه وعياله ويقال " وأهله " يعني ومن آمن معه ومن قرأ بالتاء فمعناه جعل " تقاسموا " أمرا فكان أمر بعضهم بعضا وقال بعضهم لبعض تحالفوا " لنبيتنه وأهله ثم لنقولن " " لوليه " يعني لولي صالح إن سألونا فنقول " ما شهدنا مهلك أهله " يعني لهلاك أهله وقومه ويقال ما حضرنا عند هلاك أهله " وإنا لصادقون " يعني إنا لصادقون بما نقول لكم ويقال معناه " إنا لصادقون " عندهم فيصدقوننا إذا خرجنا من بيوتنا ويقال " إنا لصادقون " في قولنا
سورة النمل ٥٠ - ٥٣