٥٩٦
قال عز وجل " إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة " أي قل يا محمد لأهل مكة أمرني الله تعالى أن أستقيم على عبادة رب هذه البلدة يعني مكة الذي حرمها بدعاء إبراهيم عليه السلام وحرم فيها القتل والصيد قال بعضهم كان حراما أبدا قال بعضهم وهو أصح أن إبراهيم لما دعا فجعلها الله حراما بدعوته وقد روي عن النبي ﷺ أنه قال إن إبراهيم حرم مكة وأنا حرمت المدينة ما بين لابتيها ثم روي أنه قد رخص في المدينة
ثم قال تعالى " وله كل شيء " يعني له ملك كل شيء وخلق كل شيء " وأمرت أن أكون من المسلمين " أي من المخلصين " وأن أتلو القرآن " يعني أمرت أن أقرأ القرآن عليكم يا أهل مكة " فمن إهتدى " يعني آمن بالقرآن " فإنما يهتدي لنفسه " يعني يؤمن لنفسه ويثاب عليها الجنة " ومن ضل " يعني ولم يوحد ولم يؤمن بالقرآن وبمحمد ﷺ " فقل إنما أنا من المنذرين " أي من المخوفين ومن المرسلين فليس علي إلا تبليغ الرسالة " وقل الحمد لله " يعني الشكر لله على ما هداني " سيريكم " أيها المشركون آياته يعني العذاب في الدنيا " فتعرفونها " أنها حق وذلك أنه أخبرهم بالعذاب فكذبوه فأخبرهم أنهم يعرفونها أنها حق وذلك إذا نزل بهم وهو القحط والقتل ويقال هو فتح مكة " وما ربك بغافل عما تعملون " فهذا وعيد للظالم وتعزية للمظلوم وقال الزجاج في قوله " سيريكم آياته " يعني سيريكم الله آياته في جميع ما خلق وفي أنفسكم قرأ نافع وعاصم في رواية حفص وإبن عامر في إحدى الروايتين " عما تعملون " بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ الباقون بالياء على معنى الخبر عنهم والله أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم


الصفحة التالية
Icon