٦١٤
قوله عز وجل " إنك لا تهدي من أحببت " يعني لا ترشد من أحببته إلى الهدى ويقال من أحببت هدايته إلى دينك وذلك أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه رسول الله ﷺ وعنده أبو جهل وعبد الله بن أمية فقال له رسول الله ﷺ يا عماه قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله تعالى فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزالا به يكلمانه ويكلمه النبي ﷺ حتى مات على الكفر فنزل " إنك لا تهدي من أحببت " بهدايته " ولكن الله يهدي من يشاء " يعني يرشد من يشاء إلى دينه " وهو أعلم بالمهتدين " يعني بمن قدر له الهدى
قوله عز وجل " وقالوا " يعني مشركي مكة " إن نتبع الهدى معك " يعني الإيمان بك " نتخطف من أرضنا " يعني نسبى ونخرج من مكة لإجماع العرب على خلافنا وهذا قول الحارث بن عامر النوفلي حين قال للنبي ﷺ ما كذبت كذبة قط فنتهمك اليوم ولكن متى ما نؤمن بك تختلسنا العرب من أرضنا يقول الله تعالى " أولم نمكن لهم حرما آمنا " يعني أولم ننزلهم مكة حرما آمنا يعني كان الحرم أمنا لهم في الجاهلية من الغارة والسبي وهم يعبدون غيري فكيف يخافون إن أسلموا أن لا يكون الحرم أمنا لهم فذلك قوله " أولم نمكن لهم " يعني أولم ننزلهم مكة حرما آمنا من الغارة والسبي " يجبى إليه " بالتاء يعني يحمل إليه " ثمرات كل شيء " أي من ألوان الثمرات مؤنثة قرأ نافع " تجبى " بالتاء لأن الثمرات مؤنثة وقرأ الباقون بالياء لتقديم الفعل ثم قال " رزقا من لدنا " يعني من عندنا " ولكن أكثرهم لا يعلمون " يأكلون رزقي ويعبدون غيري وهم آمنون في الحرم ويقال لا يعلمون أن ذلك من فضل الله عليهم
سورة القصص ٥٨ - ٦٠
ثم خوفهم فقال " وكم أهلكنا من قرية " فيما مضى " بطرت معيشتها " يعني كفرت برزق ربها ذكر القرية وأراد به أهل القرية يعني أنهم كانوا يتقلبون في رزق الله تعالى فلم يشكروه في نعمته ويقال " بطرت معيشتها " يعني طغوا في نعمة الله فأهلكهم الله تعالى بالعذاب في الدنيا ويقال عاشوا في البطر وكفران النعم " فتلك مساكنهم " يعني أنظروا واعتبروا في بيوتهم وديارهم بقيت خالية " لم تسكن من بعدهم إلا قليلا " وهم المسافرون ينزلون بها يوما أو ساعة " وكنا نحن الوارثين " يعني نرث الأرض ومن عليها


الصفحة التالية
Icon