٦١٧
وربك يخلق ما يشاء ويختار ثم قال " ما كان لهم الخيرة " أي لم يكن لهم أبدا أن يختاروا على الله ويكون ما للنفي قال ووجه آخر أن تكون بمعنى الذي يعني وربك يخلق ما يشاء ويختار الذي لهم الخيرة أن يدعوهم إليه من عبادته ما لهم فيه الخيرة ويقال ما كان لهم الخيرة يعني ليس لهم أن يختاروا على الله عز وجل وليس إليهم الإختيار والمعنى لا نرسل الرسل إليهم على إختيارهم
ثم قال " سبحان الله " أي تنزيها لله " وتعالى عما يشركون " يعني ما تضمر وتسر قلوبهم " وما يعلنون " من القول " وهو الله لا إله إلا هو " يعني لا خالق ولا رازق غيره " له الحمد في الأولى والآخرة " أي في الدنيا والآخرة وقال مقاتل يعني يحمده أولياؤه في الدنيا ويحمدونه في الجنة ويقال له الألوهية في الدنيا والآخرة وله الحكم يعني نفاذ الحكم والقضاء يحكم في الدنيا والآخرة بما يشاء " وإليه ترجعون " في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم
قوله عز وجل " قل أرأيتم إن جعل الله " يعني ألا تنظرون إلى نعمة الله تعالى في خلق الليل والنهار لمصلحة الخلق فلو جعل " عليكم الليل سرمدا " أي دائما " إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون " المواعظ وتعتبرون بها
قوله عز وجل " قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة " يعني دائما " من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه " يعني تقرون وتستريحون فيه " أفلا تبصرون " من يفعل ذلك بكم لأن العيش لا يصلح إلا بالليل والنهار فأخبر عن صنعه لمصلحة الخلق ليشكروه ويوحدوه ويعبدوه فقال " ومن رحمته " أي ومن نعمته وفضله " جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه " يعني في الليل وجعل لكم النهار " ولتبتغوا من فضله " يعني لتطلبوا من رزقه في النهار " ولعلكم تشكرون " أي تشكرون رب هذه النعمة
ثم قال عز وجل " ويوم يناديهم " يعني أنذرهم بذلك اليوم ويقال معناه أذكر ذلك اليوم الذي يناديهم يعني يدعوهم " فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون " أنها لي شريك " ونزعنا من كل أمة شهيدا " يعني أخرجنا من كل أمة نبيها ورسولها " شهيدا " بالرسالة والبلاغ " فقلنا " للمشركين " هاتوا برهانكم " يعني حجتكم بأن معي شريكا فلم يكن لهم حجة " فعلموا أن الحق لله " يعني أن عبادة الله هي الحق ويقال علموا أن التوحيد لله ويقال إن الحق ما دعا إليه الله وأتاهم به الرسول " وضل عنهم ما كانوا يفترون " يعني إشتغل عنهم بأنفسهم " ما كانوا يفتدون " يعني يكذبون في الدنيا يعني الأصنام ويقال الشياطين ويقال " وضل عنهم ما كانوا يفترون " يعني لم ينتفعوا بما عبدوه من دون الله
سورة القصص ٧٦ - ٧٨