٦٣٩
ثم خوفهم بالموت ليهاجروا فقال عز وجل " كل نفس ذائقة الموت " لأنهم كانوا يخافون على أنفسهم بالخروج فقال لهم لا تخافوا فإن " كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون " في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم قرأ عاصم في رواية أبي بكر " يرجعون " بالياء بلفظ المغايبة على معنى الخبر عنهم وقرأ الباقون بالتاء على معنى الخطاب لهم
ثم قال عز وجل " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " يعني صدقوا بالله ورسوله " وعملوا الصالحات " يعني الطاعات وهاجروا فسمى الهجرة من الأعمال الصالحة لأنها كانت فريضة في تلك الأوقات " لنبوئنهم " يعني لننزلنهم ولنسكننهم " من الجنة غرفا " يعني غرفا من الجنة قرأ حمزة والكسائي " لنثوينهم " بالثاء وقرأ الباقون " لنبوئنهم " بالياء فمن قرأ بالثاء فهو من ثويت بالمكان يعني أقمت به كقوله " وما كنت ثاويا في أهل مدين " [ القصص : ٤٥ ] ومن قرأ بالباء يعني لننزلنهم وذكر عن الفراء أنه قال كلاهما واحد بوأته منزلا أي أنزلته وأثويته منزلا يعني أنزلته سواء كقوله " وما كنت ثاويا "
ثم قال " تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين " يعني ثوابهم ثواب الموحدين
قوله عز وجل " الذين صبروا " على الهجرة ويقال صبروا على أمر الله تعالى " وعلى ربهم يتوكلون " يعني يثقون به ولا يهتمون للرزق لأنهم كانوا يقولون كيف نهاجر وليس لنا مال ولا معيشة فوعظهم الله ليعتبروا
سورة العنكبوت ٦٠ - ٦٣
قال تعالى " وكأين من دابة " يعني وكم من دابة في الأرض أو من طائر في السماء " لا تحمل رزقها " معها ولا يجمع الغذاء إلا النملة والفأرة ويقال لا تخبئ رزقها ثم قال " الله يرزقها وإياكم " يعني يرزق الدواب حيث ما توجهت وإياكم إذا هاجرتم إلى المدينة " وهو السميع " لمقالتكم " العليم " بكم
ثم قال عز وجل " ولئن سألتهم " يعني كفار مكة " من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون " يعني من أين يكذبون بتوحيد الله عز وجل


الصفحة التالية
Icon