٧٤
ثم بين مرجعهم جميعا في الآخرة " ومأواهم جهنم " يعني مصيرهم ومآبهم إلى جهنم " وبئس المصير " الذي صاروا إليه
ثم بين خبثهم وسوء معاملتهم وفعالهم فقال الله تعالى " يحلفون بالله ما قالوا " وذلك أن النبي ﷺ خطب ذات يوم بتبوك فذكر المنافقين وسماهم رجسا فقال الجلاس بن سويد لئن كان محمد صادقا فيما يقول لنحن شر من الحمير فسمع عامر بن قيس فقال والله إن محمدا لصادق ولأنتم شر من الحمير فلما رجعوا إلى رسول الله ﷺ أتاه عامر بن قيس فأخبره فقال الجلاس بل كذب علي وأمرهما أن يحلفا عند المنبر فقام الجلاس وحلف ثم قام عامر بن قيس وحلف أنه قد قاله وما كذبت عليه ثم رفع يديه فقال اللهم أنزل على نبيك ﷺ وبين الصادق منا فقال رسول الله ﷺ والمسلمون آمين فنزل جبريل قبل أن يتفرقوا بهذه الآية " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم " يقول كفروا في السر قبل إقرارهم في العلانية " وهموا بما لم ينالوا " يعني أرادوا قتل عامر بن قيس ويقال قتل النبي ﷺ وذلك أنهم إجتمعوا ذات ليلة في مضيق جبل ليقتلوه إذا مر بهم فدفعهم الله عنه ويقال " وهموا بما لم ينالوا " وهو قول عبد الله بن أبي سلول لأصحابه " إتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون " [ المنافقون : ٨ ] وقال سمن كلبك يأكلك يعني سلطناهم على أنفسنا فنزل " وهموا بما لم ينالوا " وقال مقاتل كان المنافقون أصحاب العقبة هموا ليلا بقتل النبي ﷺ بالعقبة في غزوة تبوك فنزل " وهموا بما لم ينالوا " وهكذا قال الضحاك
ثم قال تعالى " وما نقموا " يقول وما عابوا وما طعنوا على محمد ﷺ " إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله " وذلك أن النبي ﷺ قدم المدينة وكان أهل المدينة في شدة من عيشهم لا يركبون الخيل ولا يحوزون الغنيمة فلما قدم النبي ﷺ المدينة إستغنوا فذلك قوله " إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله "
ثم قال الله تعالى " فإن يتوبوا يك خيرا لهم " يعني إن تابوا من الشرك والنفاق يكون خيرا لهم من الإقامة عليه " وإن يتولوا " يقول أبوا عن التوبة " يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة " يعني في الدنيا بإظهار حالهم وفي الآخرة في نار جهنم " وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير " يعني مانع يمنعهم من العذاب وذكر أنه لما نزلت هذه الآية تاب الجلاس بن سويد وحسنت توبته
سورة التوبة ٧٥ - ٧٧