١٠
ثم قال عز وجل " وهو الذي يبدأ الخلق " يعني خلق آدم فبدأ خلقهم ولم يكونوا شيئا " ثم يعيده " يعني يبعثهم في الآخرة أحياء " وهو أهون عليه " يعني في المثل عندكم لأن ابتداء الشيء أشد من إعادته
ويقال إن ابتداءه كان نطفة ثم جعله علقة ثم جعله مضغة ثم لحما ثم عظاما
وفي الآخرة حال واحد وذلك هو أهون عليه من هذا
وقال القتبي عن أبي عبيدة " وهو أهون عليه " يعني هين عليه كما يقال الله أكبر أي الكبير
ويقال الإعادة أهون عليه من البداية والبداية عليه هين
ثم قال " وله المثل الأعلى في السموات والأرض " يعني الصفات العلى بأنه واحد لا شريك له " وهو العزيز " في ملكه " الحكيم " في أمره
ثم قال عز وجل " ضرب لكم مثلا " نزلت في كفار قريش كانوا يعبدون الآلهة ويقولون في إحرامهم لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك
قال الله تعالى " ضرب لكم مثلا " يعني وصف لكم شبها " من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم " يعني من العبيد " من شركاء فيما رزقناكم " من الأموال " فأنتم " وعبيدكم " فيه سواء " في الرزق فيما أعطيناكم من الأموال والملك
ثم قال " تخافونهم كخيفتكم أنفسكم " قال مقاتل يعني أتخافون عبيدكم أن يرثوكم بعد الموت كما تخافون أن يرثكم الأحرار فقالوا لا
فقال أترضون لله الشركة في ملكه وتكرهون لأنفسكم
قال الكلبي " هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم " من أموالكم من عبيدكم وإمائكم " فأنتم " وهم " فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم " يقول كما يخاف الرجل ابنه وعمه وأقاربه
قالوا لا
قال فأنتم لا ترضون هذا لأنفسكم أن يكونوا فيما تملكون يشاركونكم في أموالكم
فكيف ترضون لله ما لا ترضون به لأنفسكم
وقال السدي " ضرب لكم مثلا " هذا مثل ضربه الله عز وجل في الميراث للآلهة
يقول هل لكم مماليك شركاء في الميراث الذي ترثونه من آبائكم وأنتم تخافون أن يدخل معكم مملوككم في ذلك الميراث كما تدخلون أنتم فيه
فكما لا يكون للملوك أن يدخل في مواريثكم فكذلك لا يكون لهذا الوثن الذي تعبدونه من دون الله عز وجل أن يدخل في ملكي
وإنما خلقي وعبيدي
قال أبو الليث رحمه الله وفي الآية دليل أن العبد لا ملك له لأنه أخبر أن لا مشاركة للعبيد فيما رزقنا الله عز وجل من الأموال
ثم قال عز وجل " كذلك نفصل الآيات " يعني نبين العلامات " لقوم يعقلون " الأمثال فيوحدونه
ثم قال عز وجل " بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم " يعني اتبع الذين كفروا أهواءهم بعبادة الأوثان " بغير علم " يعني بغير حجة " فمن يهدي من أضل الله " يعني فمن يهدي إلى