١١٨
الذي حال عليه الحول ويقال للقمر ثمانية وعشرون منزلا فإذا صار في آخر منازله دق حتى يعود كالعذق اليابس
والعرجون إذا يبس دق واستقوس فشبه القمر به
يعني صار في عين الناظر كالعرجون وإن كان هو في الحقيقة عظيم بنفسه إلا أنه في عين الناظر يراه دقيقا
ثم قال عز وجل " لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر " يعني أن تطلع في سلطان القمر
وقال عكرمة كل واحد منهما سلطان للشمس سلطان بالنهار وللقمر سلطان بالليل فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل " ولا الليل سابق النهار " يعني لا يدرك سواد الليل ضوء النهار فيغلبه على ضوئه " وكل في فلك يسبحون " يعني في دوران يجرون ويدورون ويقال " يسبحون " يعني يسيرون فيه بالانبساط وكل من انبسط في شيء فقد سبح فيه
وقال بعضهم السماء كالموج المكفوف والشمس والقمر والكواكب الدوارة يسبحون فيها وقال بعضهم الأفلاك كثيرة مختلفة في السير يقطع القمر في ثمانية وعشرين يوما والشمس تقطع في سنة
وقال بعضهم الفلك واحد وجريهن مختلف والفلك في اللغة كل ما يدور
سورة يس ٤١ - ٤٤
ثم قال عز وجل " وآية لهم " يعني علامة لكفار مكة على معرفة وحدانية الله تعالى " أنا حملنا ذريتهم " آباءهم واسم الذرية يقع على الآباء والنسوة والصبيان وأصله الخلق كقوله عز وجل " ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا " [ الأعراف ١٧٩ ] يعني خلقنا
" ذريتهم " خاصة
ثم قال عز وجل " في الفلك المشحون " يعني في سفينة نوح عليه السلام الموقرة المملوءة
يعني حملنا ذريتهم في أصلاب آبائهم
قرأ نافع وابن عامر " ذرياتهم " بلفظ الجماعة وقرأ الباقون " ذريتهم " وأراد به الجنس
ثم قال عز وجل " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " يعني من مثل سفينة نوح عليه السلام ما يركبون في البحر
وقال قتادة يعني الإبل يركب عليها في البر كما تركب السفن في البحر
وقال السدي " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون "
فقال هذه السفن الصغار يعني الزوارق وقال عبد الله بن سلام هي الإبل
قال الفقيه أبو الليث رحمه الله أخبرني الثقة بإسناده عن أبي صالح قال قال لي ابن عباس ما تقول في قوله " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " قلت هي السفن قال خذ مني إنما هي الإبل
فلقيني بعد ذلك فقال إني ما رأيتك إلا وقد غلبتني فيها هي كما قلت ألا ترى أنه يقول " وإن نشأ نغرقهم " يعني إن نشأ نغرقهم في الماء " فلا صريخ لهم " يعني لا مغيث لهم " ولا هم ينقذون " يعني لا يمنعون فلا ينجون من الغرق


الصفحة التالية
Icon