١٢٣
ثم قال " ولو نشاء لطمسنا على أعينهم " قال مقاتل يعني لو نشاء لحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى " فاستبقوا الصراط " أي لجازوا " الصراط " الطريق " فأنى يبصرون " يعني فمن أين يبصرون الهدى بعدما جعلت قلوبهم قاسية وجعلت أعمالهم غطاء وأكنة على قلوبهم
قال الكلبي " ولو نشاء " لفقأنا أعين الضلالة فأبصروا الطريق و " استبقوا " يعني الطريق " فأنى يبصرون " الطريق وقفأنا أعينهم
وقال بعضهم ولو نشاء لأعمينا أبصارهم في أسواقهم ومجالسهم كما فعلنا بقوم لوط عليه السلام حين كذبوه وراودوه عن ضيفه " فاستبقوا الصراط " يعني فابتدروا الطريق هربا إلى منازلهم لو فعلنا ذلك بهم
سورة يس ٦٧ - ٧٠
ثم قال عز وجل " ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم " يعني إن شئت لمسختهم حجارة في ضلالتهم أي منازلهم ليس فيها أرواح " فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون " ولا يتقدمون ولا يتأخرون
وهذا قول مقاتل
وقال الكلبي لو نشاء لجعلناهم قردة وخنازير " فما استطاعوا مضيا " يعني فما قدروا ذهابا " ولا يرجعون "
قوله عز وجل " ومن نعمره " يعني من أطلنا عمره في الدنيا " ننكسه في الخلق " يعني نرده إلى أرذل العمر فلا يعقل فيه كعقله الأول
قرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر " ننكسه " بضم النون الأولى ونصب الثانية وكسر الكاف مع التشديد
وقرأ الباقون ( ننكسه ) بنصب النون الأولى وجزم الثانية وضم الكاف والتخفيف ومعناهما واحد
يقال نكسه ونكسه وأنكسه بمعنى واحد
ومعناه من أطلنا عمره نكسنا خلقه فصار بدل القوة ضعفا وبدل الشباب هرما
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " مكاناتهم " وقرأ الباقون " مكانتهم " والمكانة والمكان واحد مثل المنزل والمنزلة والمكانات جمع المكانة
ثم قال " أفلا يعقلون " يعني أفلا تفهمون أن الله هو الذي يفعل ذلك فتوحدوه وليس لمعبودهم قدرة ذلك
قرأ نافع وأبو عمرو " أفلا تعقلون " بالتاء على معنى المخاطبة
وقرأ الباقون بالياء على معنى الخبر
وقرأ عاصم وأبو عمرو وحمزة " وأن اعبدوني " بالياء وقرأ الباقون بغير ياء لأن الكسر يدل عليه
ثم قال عز وجل " وما علمناه الشعر " جوابا لقولهم إنه شاعر يعني أرسلنا إليه القرآن ولم نرسل إليه الشعر " وما ينبغي له " يعني لم يكن أهلا لذلك
وقال ما يسهل له وما يحضره الشعر " إن هو إلا ذكر " يعني القرآن عظة لكم " وقرآن مبين " يعني يبين الحق من الضلالة
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه قال سألت عائشة رضي الله عنها هل