١٤٠
وقتادة وأبو هريرة وعبد الله بن سلام رضي الله عنهم وهكذا قال أهل الكتابين كلهم
والذي قال هو إسماعيل احتج بالكتاب والخبر
أما الكتاب فهو أنه لما ذكر قصة الذبح قال على أثر ذلك " وبشرناه بإسحاق نبيا "
وأما الخبر فما روي عن رسول الله ﷺ أنه قال ( أنا ابن الذبيحين ) يعني أباه عبد الله بن عبد المطلب وإسماعيل بن إبراهيم
وأما الذي يقول هو إسحاق فيحتج بما روي في الخبر أنه ذكر نسبة يوسف فقال كان يوسف أشرف نسبا
يوسف صديق الله بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله قد اختلفوا فيه هذا الاختلاف والله أعلم بالصواب
والظاهر عند العامة هو إسحاق
فذلك قوله " يابني إني أرى في المنام أني أذبحك " فظاهر اللفظ أنه رأى في المنام أنه يذبحه ولكن معناه " إني أرى في المنام " أني قد أمرت بذبحك بدليل ما قال في سياق الآية " يا أبت أفعل ما تؤمر "
وروي في الخبر أنه رأى في المنام أنه قيل له إن الله يأمرك أن تذبح ولدك فاستيقظ خائفا وقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ثم رأى في المنام في الليلة الثانية والثالثة مثل ذلك فاستيقظ وضم ابنه إلى نفسه وجعل يبكي حتى أصبح فانقاد لأمر الله تعالى وقال لامرأته سارة إني أريد أن أخرج إلى طاعة ربي فابعثي ابني معي فجهزته وبعثته معه قال كعب الأحبار فقال الشيطان إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدا
فلما خرج إبراهيم بابنه ليذبحه فذهب الشيطان ودخل على سارة فقال أين ذهب إبراهيم بابنك فقالت غدا به لبعض حاجته
قال إنه لم يغد به لحاجته ولكنه إنما ذهب به ليذبحه فقالت ولم يذبحه قال يزعم أن ربه أمره بذلك
فقالت قد أحسن أن يطيع ربه
فخرج في أثرهما فقال للغلام أين يذهب بك أبوك قال لبعض حاجته
قال فإنه لا يذهب بك لحاجته ولكنه إنما يذهب بك ليذبحك
فقال ولم يذبحني قال يزعم أن ربه أمره بذلك
قال فوالله لئن كان الله أمره بذلك ليفعلن
فتركه ولحق بإبراهيم فقال أين غدوت بابنك قال لحاجة
قال فإنك لم تغد به لحاجة وإنما غدوت به لتذبحه
قال ولم أذبحه قال تزعم أن الله تعالى أمرك بذلك
قال فوالله لئن كان الله أمرني بذلك لأفعلن
فتركه وأيس من أن يطاع
قوله عز وجل " فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم " فأوحى الله تعالى إلى إسحاق أن ادع فإن لك دعوة مستجابة
فقال إسحاق اللهم إني أعوذ أن تستجيب لي في أيما عبد من الأولين والآخرين لقيك لا يشرك بك شيئا أن تدخله الجنة
وقال مجاهد إن إبراهيم عليه السلام لما أراد أن يذبح ابنه
بالسكين قال ابنه يا أبت خذ بناصيتي واجلس بين كتفي حتى لا أوذيك إذا أصابني حد السكين ولا تذبحني وأنت تنظر في وجهي عسى أن ترحمني واجعل