١٨
يعني في القبور غير ساعة ويقال " كذلك كانوا يؤفكون " لأنهم يقولون مرة " إن لبثم إلا عشرا " [ طه ١٠٣ ] ومرة يقولون " لبثنا يوما أو بعض يوم " [ الكهف ١١٩ ] ومرة يقولون ما لبثنا غير ساعة فيقول هكذا كانوا في الدنيا
ثم قال عز وجل " وقال الذين أوتوا العلم والإيمان " يعني أكرموا بالعلم والإيمان " لقد لبثتم في كتاب الله " أي في علم الله
ويقال فيما كتب الله عز وجل
وقال مقاتل في الآية تقديم يعني " وقال الذين أوتوا العلم " في كتاب الله " والإيمان " وهو ملك الموت " لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث "
ويقال الذين أوتوا العلم بالكتاب وأوتوا " الإيمان " وهم العلماء
ثم قال " فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون " يعني لا تصدقون بهذا اليوم في الدنيا
ثم قال عز وجل " فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا " يعني أشركوا " معذرتهم " قرأ ابن كثير وأبو عمرو " ولا تنفع " بالتاء بلفظ التأنيث لأن لفظ المعذرة مؤنثة
وقرأ الباقون بالياء فينصرف إلى المعنى يعني عذرهم " ولا هم يستعتبون " يقال عتب يعتب إذا غضب عليه وأعتب يعتب إذا رجع عن ذنبه واستعتب إذا طلب منه الرجوع
يعني أنه لا يطلب منهم الرجوع في ذلك اليوم ليرجعوا
ثم قال عز وجل " ولقد ضربنا للناس " يعني وصفنا وبينا للناس " في هذا القرآن من كل مثل " أي شبه " ولئن جئتهم بآية " كما سألوا " ليقولن الذين كفروا " يعني أهل مكة " إن أنتم إلا مبطلون " يعني يقولون ما أنت إلا كاذب وليس هذا من الله عز وجل كما كذبوا بانشقاق القمر
يقال أبطل الرجل إذا جاء بالباطل
وأكذب إذا جاء بالكذب
فقال " إن أنتم إلا مبطلون " يعني كاذبين
" كذلك يطبع الله " يعني يختم الله عز وجل " على قلوب الذين لا يعلمون " يعني لا يصدقون بالقرآن وبمحمد صلى الله عليه وسلم
قوله عز وجل " فاصبر " يا محمد " إن وعد الله حق " فيما وعد لكم من النصر على عدوكم وإظهار دين الإسلام حق
ويقال " فاصبر إن وعد الله حق " يعني صدق في العذاب " ولا يستخفنك " يعني يستنزلك عن البعث " الذين لا يوقنون " أي لا يصدقون
ويقال " لا يستخفنك " يعني لا يحملنك تكذيبهم على الخفة
يعني كن حليما صبورا وقورا
ويقال " لا يستخفنك " فتدعو عليهم بتعجيل العذاب فيهلك الذين لا يوقنون بالعذاب والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم